حرق النقود...العبرة من الصين!

محلي
30-10-2020 |  11:39 PM
حرق النقود...العبرة من الصين!
3338 views
EkherElAkhbar.com Source:
-
|
+
في شهر نيسان من هذه السّنة في مقالتي السّابقة المعنونة "هل تسخر الصين من العالم؟" www.ekherelakhbar.com/news/74782  والتي كتبتها على ضوء تصرّف الصين الغريب تجاه العالم خلال أولى فترات انتشار الوباء٬ أشرت إلى طموحها لاستغلال الوضع العالمي الاستثنائي لتهزأ من غرق أوروبا وهشاشة خطط الطّوارئ وخاصّة ايطاليا واسبانيا٬ واستذكار طريق الحرير واستعادة أمجاده

صدفة خطأ أم خطة ؟
هل وصلت إلى مبتغاها ؟
إذا كان الجواب نعم٬ فهل يعني ذلك أن انتشار الوباء مفتعل؟ ام أن الصين فعلاً سيطرت على الوضع وذلك بفعل خطط طوارئ محكمة ؟ إذ أنّها اختبرت سابقة في ٢٠٠٢ و ٢٠٠٣ مع فيروس السّارس٬ أو أنّها مجهّزة لأيّ حرب بيولوجيّة محتملة من منافستها الاولى الولايات المتّحدة الأمريكيّة؟
أمّا إذا كان عن سابق تصوّر وتصميم٬ هل الغاية استهداف العالم٬ أو عرض عضلات فقط٬ أم التّمويه والتّضليل لحرف نظر دول العالم عما تحبكه داخل حدودها ؟ ما حجّتها في إقفال حدودها وحظر السفر اليها من الأجانب على الرّغم من السّيطرة التّامّة على المرض ؟


أمام العالم بخطوات..
أوروبا والولايات المتّحدة الامريكيّة تغرقان في مستنقع الوباء من جهة٬ و من جهة اخرى تتخبّطان في المشاكل الإقتصاديّة بسبب الأوّل٬ بينما نلاحظ انّ الصين تنفض الغبار٬ والأرقام تتحدّث عن ليس فقط التّعافي٬ بل الازدهار!
على سبيل المثال لما سبق٬ إيرادات المبيعات ارتفعت ٪٤١ من الرّبع الثّاني من السّنة الى الرّبع الثالث. والشّركات الضّخمة تشهد تعافي سريع ولكن صامت.
أما النّاتج الإجمالي المحلي قفز من ٪٦٫٨- في الرّبع الاوّل من السّنة الى ٪٣٫٢ في الرّبع الثّاني. سوق السيارات تحسّن بنسبة ٪١١ منذ شهر .
في بداية شهر اكتوبر٬ اكثر من ٦٣٠ مليون صيني أمضوا عطلتهم الوطنيّة في السّفر والسّياحة الدّاخلية حيث أنفقوا حوالي ٧٠ مليار يوان ٬وتشهد الصين ارتفاعا ملحوظا في الطّلب على السّلع الاستهلاكيّة.
و أمثال و أرقام ومؤشّرات كثيرة عن التعافي المذهل٬ فالكلّ يعلم أن الصين هي الدّولة الوحيدة في العالم لسنة ٢٠٢٠ التي ستشهد نموّ إيجابي.

لكن ما الذّي يفكّر به التّنين؟ فهو متقدّم على الجميع في الوقت الحالي. ماذا يحدث داخل أسوار الصين وهي الاَن في عزلة إراديّة عن العالم؟ صحيح... ماذا تريد من باقي الدول وهي تتخبّط ؟


مجتمع غير نقدي ((Cashless Society
لإيصال فكرة المقال٬ أكمل بمثل أتناول فيه أسلوب تسديد الدّفعات عند الصينيين تميّزهم عن باقي الدول.

 
بشكل إجمالي، يكاد لا وجود للورقة النقدية أي "الكاش" أو المال٬ ولا يتداولون بالعملة الرقمية أيضاً بل هناك "المال الرقمي" الذي يختلف عن العملة الرقمية من حيث امتلاكه والتداول به بشكل بنيوي.
الأخيرة هي عملة موجودة على الانترنت٬ لا بنك مركزي يتحكم بها٬ وعند التحويل تمرّ من البائع الى الشاري مباشرة دون المرور بأي وسيط بنك أو غيره٬ وهي متاحة لتداولها عبر تطبيقات متوفرة للجميع. أما "المال الرقمي" يتمّ التداول به من خلال الانترنت لكن عبر وسيط مالي أو أكثر٬ ولبدء التداول يجب فتح حساب مصرفي٬ فالمواطن الصيني يستعمل هذه الطريقة في دفع مستلزماته اليومية والروتنية٬ من شراء المواد الغذائية إلى طبابته٬ إلى شراء عقارات وتسديد مستحقاته على أنواعها. ولا يعلم أن دولته تتعقّب دفعاته وتدرس عاداته الانفاقية وتعلم مكان تواجده وتحركاته٬ والجدير بالذكر بأن نفس التطبيقات التي تستعمل للدّفع هي نفسها تطبيقات التواصل الاجتماعي والرسائل داخل الدولة. فالخطورة تكمن هنا٬ لن يعد باستطاعة المواطن الصيني تأمين مأكل أو مغادرة البلاد اذا قرر البنك المركزي حظر حسابه٬ من خلال إلغاء او تصفير حسابه المصرفي.

ما يقوم به "المال الرقمي" هو جمع الأسوأين من المراقبة في الأنظمة الرأسمالية اي المراقبة المالية و من "دولة المراقبة" في دولة إستخباراتية فاشيّة.
إنّ مراقبة ١٫٤مليار نسمة٬ ليست بالمهمة السّهلة٬ والأصعب هو السيطرة عليها. في هذه الأثناء الصين تعزز نظام المراقبة على جميع الأصعدة٬ إستعداداً لفتح مطاراتها.



منتصرون أم متواطؤون ؟
ما ذكرته أعلاه ليس إلاّ نبذة عما تقوم به الصين في الداخل٬ فما الذي تحضره للخارج ؟ متى سنشهده ؟ لماذا لم تنقضّ الصين على غريمتها حتى الآن ؟ مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية في أسوأ مراحلها في الصراع مع المرض٬ و وضعها الإقتصادي والمالي يتدهور وحلفائها منهمكون.

هل هي تعيد جدولة نظامها من الصفر بادئة بنفسها وغداً فارضة إيّاه على العالم؟ هل تكون الصين هي من تغيّر قواعد اللعبة وتفرضها على الجميع؟ وإن تحدّثنا فقط في الشقّ المالي والإقتصادي٬ هل نحن ذاهبون الى أن نرى الورقة النقدية فقط في المتاحف ؟
ما أتحدث عنه هو نظام عالمي جديد ٬ بقيادة الصين منفردة أو بشراكة غربية مع العلم أنها لم تستغل تفوقها على من تسمّيهم أعداء.
في كلتيّ الحالتين٬ الصين سخرت من العالم٬ من خلال فرضها لنفسها على الجميع منفردة أكانت أم شريكة.
إنّ ما يحدث هو تحضير الأرضيّة لبدأ التنفيذ. هل نستيقظ على فجر تغيير جذري في حياتنا ؟ لست من المؤمنين بالمؤامرة الكبرى٬ لكن الصين التي فرضت أغلب بنود النّظام العالمي الجديد على أراضيها ستكون النموذج لنظام المستقبل على الكرة الارضية .

الهدف واحد: السّيطرة على الحياة !

وأختم بقول للكاتب البريطاني جورج أورويل:
“من يتحكّم في الماضي يتحكّم في المستقبل، و من يتحكّم في الحاضر يتحكّم في الماضي.”


فؤاد يوسف ريشا

 

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره