هل تسخر الصين من العالم؟

محلي
26-4-2020 |  01:06 PM
هل تسخر الصين من العالم؟
2676 views
Source:
-
|
+

جمهوريّة التنّين الشّعبية والحزب الشيوعيّ الحاكم، ومع ازدياد حدّة الحرب الاقتصادية مع العم سام. العالم يعلم أن الامر كان مسألة وقت لينتقل من قطبين يتنازعين منذ الحرب الباردة، أميركا - روسيا، الى قطبية جديدة، اميركا - الصين.
بعد أن توسّعت الصين عبر التّجارة ذات الكلفة المنخفضة، لتشكّل قوة اقتصادية لا يستهان بها. ومطامعها باتت واضحة في افريقيا، حيث نجحت في دحر فرنسا وبريطانيا من معظم الدّول الأفريقية، فهي تنشئ المدن بسرعة خارقة مقابل تصدير خشب أفريقيا الى وطنها دون مقابل آخر. وهناك حديث عن سعيها لإقامة قواعد عسكريّة في بعض هذه الدول، تماما كما فعلت في دجيبوتي، حيث أنها أنشأت أوّل قاعدة لها حيث أنها تضم نحو ٤٠٠ جندي بلإضافة الى مطار عسكري.
نرى ان الفكر التّوسعي  لدى الصين بات أمرا واقعا وهي مسألة وقت، يتبين لنا أن أوروبا ليست مؤهلة للمواجهة من جميع النّواحي الاقتصاديّة و العسكريّة. فالصين فرضت نفسها على جميع تلك الساحات  واقفة وجها لوجه مع اميركا.

هل تسقط الصين في تكبرها؟
بعد واقعة الوباء الذي انطلقت من اراضيها ونجحت في التخلص منه بسرعة مفاجئةو في بلد يشكّل سكّانه ربع سكان الكرة الأرضية. بغض النظر اذا اعتبرنا هذا الفيروس انتشر بالصّدفة أو عن سابق تصور أو تصميم، فما تقوم به، غير مقصود؟ أم استعراض وسخرية من العالم؟ أو تحاول اثبات أمر ما؟
أتحدث عن المساعدات التي قدّمتها الصين، المنتصر الاول على المرض، للدّول الاوروبيّة الموبؤة. فلنبدأ بايطاليا، صديقة الصين، تلقّت مساعدات طبّية في ١٢آذار نحو ٣١ طن من المعدّات و٤٠ جهاز تنفسيّ، وفي ٢٥ آذار أرسلت الصين طائرة أخرى تضم٣٠ جهاز تنفسيّ. مع العلم أن في ذلك الوقت، بلغ عدد المصابين في ايطاليا المئة ألف، والوفيات أكثر من١٠٠٠٠. فالمساعدات أقل ما يقال عنها شحيحة.
والّلافت في الأمر أن تلك المساعدات ليست مجّانيّة، فبعضها كان تقدمة من الصليب الاحمر الصيني والبعض الآخر كان على ايطاليا دفع ثمنه. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فذهبت الصين الى نشر إشاعات أن المرض انتشر في الأساس في إيطاليا.
عمدت الصين الى إرسال عدد من المساعدات لعدة دول بطريقة " بخيلة " ، مليون قناع هنا، ألف قناع هناك وعدد  قليل جدا من  الاطباء . مقارنة لدولة تنتج  ٥٠٪ من  أقنعة  العالم  في  ال۲۰۱۹ ولدولة وصلت لصناعة ۱۱۰ مليون قناع في النّهار، في شباط ۲۰۲۰ . بالمقابل، ألبانيا، بلد فقير، يتراوح عدد سكانه ثلاثة ملايين نسمة، قد أقدم على إرسال٣۰ طبيبا وممرضة إلى إيطاليا.
ويتكرر المشهد نفسه مع عدّة دول أخرى، كألمانيا التي عدد مصابيها أكثر من ٦٠٠٠٠. فلم يمر هذا العمل عند بكين من دون التطبيل والتهليل الاعلامي لارسالها تلك المساعدات الى اسبانيا، فرنسا، صربيا، والإتحاد الأوروبي، التي في معظم الأحيان لم تكن مجانية. لا بد من ذكر الطائرة العسكرية الصينية التي هبطت في تشيكيا ضمن تغطية اعلامية ضخمة من الصين وحلفائها.
ولا عجب أن السّويد لم تتلقى أي دعم من الصين، انتقاما" على دعمها للمعارضة في هونغ كونغ.

طريق الحرير ؟
٢١ اّذار، قامت إذاعة الصين الرّسميّة CGTN، بعرض فيديوعن تحميل قطار بمعدّات طبيّة بهدف ارسالها الى اسبانيا، فعوضا" عن ارسال طائرة لكسب الوقت، أصرّت على ارسال قطار ينطلق من الشّرق الأقصى الى غرب أوروبا، مستعيدة ذكريات "طريق الحرير" وأمجاده. قيمة المساعدات حسب مجاهرة الصين، نحو ٤٩٣٤٥ دولار، في حين ان اسبانيا صرفت  ٤٧٣ مليون دولار على شراء المعدات الطبّية من الصين، بالاضافة الى فحوصات الكورونا التي تبين لاحقا أنها غير نافعة، كما قامت هولندا بشراء ١٠٣ قناع من الصين والتي تبين أن نصفها مليء بالعيوب وغير صالحة للإستعمال.

"السامري الصالح"
من المعروف أن عند حدوث أي كارثة إنسانية، فالخصومة الجيوسياسية تعلّق، على سبيل المثال الزلزال عام ٢٠١٢ في إيران،  حيث أن الحكومة الأميركية رفعت العقوبات، للسّماح بإرسال المساعدات. وعند إختفاء الغوّاصة الأرجنتينيّة، إنضمّت البحريّة الملكيّة البريطانيّة الى البحث، مع العلم أن صراع الدّولتين محتدم منذ العام ١٩٨٩على جزرالفلكلاند. حتى عند حدوث الزلزال في اليابان في ال ٢٠١١، سارعت ٥٠ دولة ضمنها الصين الى الإغاثة.

 إحذروا!
قيام الصين ببيع البضائع الطبيّة في فترة الوباء، وتغطيتها الإعلاميّة الرّنانة لذلك، وإرسال روسيا ظبّاطا عوضا عن أطبّاء، إلى الدّول الموبؤة، في ظل حالة الطوارئ الصّحيّة، يحتّم وجود أهداف وأبعاد ومطامع لهذا المحور الذي ترأسه الصّين.
مساعدات خجولة... وبيعها في أغلب الأحيان، مع تغطية إعلاميّة عالية... قطار يستغرق ١٨ يوما لإيصال مساعدات إلى أوروبا، ويمر بعدّة دول، عوضا عن إرسال طائرة...  لماذا على درب طريق الحرير ؟
ما هي نيّة التنّين ؟ إحياء أساطير الأجداد ؟ إثبات قوّتها في النظام العالمي الجديد ؟ أو تريد السخرية من العالم ؟ أو أن ما تقوم به عفوي وغير مقصود ؟
في كل الأحوال إحذروا من "السّامري" عسى أن يكون "صالح".

الكاتب : فؤاد يوسف ريشا

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره