صنع في لبنان.. سعدك يا عون!!

محلي
23-10-2016 |  02:21 PM
صنع في لبنان.. سعدك يا عون!!
1636 views
Source:
-
|
+
في الثالث عشر من شهر تشرين الأول لسنة 1990، أطاح اتفاق الطائف بأولى ضحاياه حيث غادر ميشال عون قصر بعبدا خائبا مهزوما.

تقول الأرقام، أنه في الحادي و الثلاثين من هذا الشهر، سيعود الجنرال إلى القصر الجمهوري ليطيح بكل من أراد أن يطيح باتفاق الطائف !

و هكذا…يتفق كل من حزب الله و سعد الدين الحريري و سمير جعجع على انتخاب ميشال عون ! و هكذا، و بقدرة الضرورات السياسية التي تبيح محظورات الاعتبارات الشخصية تتلاقى و تتقاطع الخطوط المتوازية !

في خطاب مدروس العبارات و جيد الإخراج، أعلن الحريري مبايعة عون رئيسا للجمهورية محيرا بذلك حلفاءه قبل خصومه مثيرا التساؤل: هل أصبح الوافد إلى عالم السياسة صدفة ناضجا بما فيه الكفاية كي لا يجعل الصدفة تطوع حساباته السياسية ؟ أم هل يؤكد الحريري مجددا مراهقته السياسية و يغامر و يقامر بما بقي من رصيده السياسي و الشعبي بعد أن خسر الكثير من رصيده المالي؟

الأكيد أن الحريري انقلب على تقاليده السياسية و تحالفاته التقليدية و أنه ابتعد بقفزة رشيقة عن تعقيدات ارتباطاته السعودية.

مثلما هو مؤكد أن “حزب الله” كان من البداية متمسكا مراهنا ملتزما بترشيح عون بعيدا عن منطق المناورة التي اعتمدها الحريري حين رشح في وقت سابق سليمان فرنجية كخطوة تسبق “حدث معراب” حين “تجرأ ” الحكيم جعجع على تبني ترشيح الجنرال  عون.

تنبني مبايعة الحريري لعون على صفقة سياسية قوامها رئاسة الحكومة لساكن “بيت الوسط” مع ضمان حماية اتفاق الطائف و تحييد لبنان عن الملف السوري و إعادة إطلاق عجلة الدولة والمؤسسات والاقتصاد.

يجوز القول أنه لأول مرة ،منذ تعيين شارل دبلس رئيسا للجمهورية سنة 1926، لا نلمح املاءات خارجية و لا كلمات سر عابرة للحدود و للقارات فيما يتعلق بالتسوية الرئاسية. هي صفقة لبنانية الهوية و الهوى فرضتها التغييرات الدولية و الإقليمية.. الولايات المتحدة غارقة في انتخاباتها الرئاسية، إيران و السعودية مستمران في صراعاتهما على أكثر من جبهة، أما سوريا فجغرافيتها و تاريخها منهكان بحسابات الماضي و مساومات المستقبل.

إذا ما أردنا أن ننظر بسريالية، فإن مستجدات الرئاسة اللبنانية تثير الكثير من الدهشة مثلما تشي بإعادة خلط الأوراق و رسم خريطة التحالفات و تحديد مسافة المناورات..كتلة 8 آذار ضائعة بين الخصومات و بين تناقض مواقف الجماعات..كتلة 14 آذار و كأنها مجموعة من التكتلات حيث أن جمعا من نواب المستقبل أعلن تمرده على تبني ترشيح عون فصارت المواقف تتماهى، بشكل أو بآخر، مع موقف نبيه بري رئيس حركة أمل .

من جانب آخر، فكل الاحتمالات تبقى  واردة في الحالة اللبنانية و يكفي أن نستعيد على سبيل الذكر تجارب حميد فرنجية و كميل شمعون، فما توحي به أرقام الربح لصالح الجنرال عون قد تطيح به مفاجآت اللحظات الأخيرة التي قد تأتي على عجل مستنزفة ما رتب على مهل.

بعد 26 سنة، قد يمر ميشال عون من الرابية إلى بعبدا..بعد 11 سنة، قد يثبت سعد الحريري أنه زعيم فرضته السياسة أكثر مما فرضه الدم..ربما المفارقة أنه حين باتت كل المنطقة تتشكل من خارج الحدود صار من الممكن أن يقال ” صنع في لبنان”..


الكاتبة التونسية : حنان المنصف

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره