من دون سابق إنذار، تلقّى المسؤولون في دار الفتوى وأعضاء «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى»، صباح أمس، خبراً عن زيارة مرتقبة لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان إلى دمشق، السبت المقبل، للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع. وهي الزيارة الأولى لدريان إلى سوريا منذ انتخابه مفتياً عام 2014.
وعن تفاصيل الزيارة التي ستستمر لساعات، أفادت شخصيات مقرّبة من دار الفتوى بأنها تجهل برنامج اللقاء باستثناء ما هو مؤكّد حول اللقاء مع الشرع. كما لا يُعرف بعد ما إذا كانت المحادثات ستتطرّق إلى ملفات حسّاسة، مثل ملف الموقوفين الإسلاميّين، ما يثير تساؤلات حول خلفية الزيارة وتوقيتها، خصوصاً أنّ برنامج الزيارة لم يُبلّغ بعد إلى الجانب السوري، ويُتوقّع أن يتمّ الاتفاق عليه في اليومين المقبلين. وهو ما يشير إلى أنّ الغاية الأساسية من الزيارة هي الصورة التي ستجمع دريان بالشرع، بما تحمله من دلالات رمزية تفوق مضمون المحادثات نفسها.
وفيما لم يُعرف بعد من سيرافق المفتي، أكّد أعضاء في «المجلس الشرعي» أنهم لم يتلقّوا أي دعوة رسمية، سوى بلاغ مقتضب نُشر على مجموعة «واتساب» خاصة بالمجلس. وتُرجّح مصادر في الدار أن يقتصر الوفد على مفتي المناطق وبعض العلماء العاملين في الدار، مثل رئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف وأمين الفتوى الشيخ أمين الكردي، من دون مشاركة أعضاء المجلس.
وبحسب متابعين، فإنّ اللقاء سيكون بروتوكولياً ومقتضباً، ولن يتطرّق إلى عناوين شائكة، وسيتم التأكيد على الثوابت الوطنية والروابط التاريخية والجغرافية والاجتماعية والدينية بين البلدين. وسيسعى دريان، وفق المصادر نفسها، إلى النأي بالزيارة عن أي تأويل سياسي قد يُستثمر داخلياً ضد أي فريق لبناني. ويُشير هؤلاء إلى أنّ الزيارة كانت مقرّرة منذ تسلّم الشرع رئاسة الجمهورية، غير أنّ ضغوطاً خارجية نصحت بتأجيلها. ومع تراجع هذه التحفّظات، أُعيد تنسيق الزيارة مع الجانبين التركي والسعودي اللذين أبديا ترحيباً بها.
ويأتي اللقاء بعد أيام قليلة من مواقف عالية النبرة أدلى بها دريان، رفض فيها «تهميش المسلمين السّنة أو استبعادهم»، قبل أن يوضح أمام زوّاره في اليوم التالي أنّ كلامه ليس موجّهاً إلى أي فريق. غير أنّ الزوّار لفتوا إلى أنّ تبريرات المفتي تفاوتت بحسب هوية السائل، فأجاب مرّة بأنه قصدَ قضية القرنة السوداء، بعد صدور حُكم قضائي وضعها في النطاق العقاري لبشرّي، وليس الضنية، ومرّة أُخرى بأنه كان يشير إلى توقيف العقيد المتقاعد عميد حمود.
وفيما تردّد أنّ مواقف دريان كانت تغمز من قناة رئيس الجمهورية جوزيف عون إثر الخلافات المتنامية بينه وبين رئيس الحكومة نواف سلام حول صلاحيات رئاسة الحكومة، نفى مقرّبون من المفتي ذلك، مؤكّدين أنّ «الموقف أتى انفعالياً نتيجة أكثر من قضية ولم يكن مُوجّهاً أو حتى مطلوباً».
|