كازينو لبنان: فتح المغارة أم تغيير الحارس؟
|
|
محلي
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
313 views
|
|
|
al-akhbar
|
Source:
|
-
|
|
|
+
|
|
|
يطمح اللبنانيون إلى إصلاح حقيقي لا إلى أعمال استعراضية. وفيما يدرك الجميع أن في لبنان عدداً كبيراً من مغارات الفساد، فإن آليات المعالجة «الإصلاحية» تحتاج إلى تدقيق فعلي، ليس لمنع المحاسبة والحؤول دون توقيف المتورّطين واستعادة المال العام، بل لمنع استبدال فاسد بآخر، فقط لأن مصلحة مرجعية معيّنة في الدولة تفرض ذلك.
والأسئلة التي تحتاج إلى إجابات من جهات أمنية وقضائية تتولّى التحقيق في ملف ألعاب الميسر والمراهنات عبر الإنترنت، ستبقى في مقدّمة العناوين، لأن ما يتردّد عن صفقات جانبية، يثير المخاوف من النهاية المقرّرة لهذا المسار، خصوصاً أن التحقيقات الجارية حتى الآن، بعيدة عن متناول من بيده القدرة على التدقيق في الخلفيات والأبعاد. وهذه أسئلة سيجد المعنيون في القصر الجمهوري أنفسهم في مواجهتها، لأن ما يجري يتصل بالقصر قبل أي جهة أخرى.
ما يحصل فعلياً أنه بعد نحو ثلاث سنوات من تشغيل كازينو لبنان ألعاب الميسر والمراهنات الرياضية عبر الإنترنت بصورة غير قانونية، فتحت المدّعية العامّة المالية بالإنابة، القاضية دورا الخازن، تحقيقاً في الملف. وتبيّن أنها بادرت إلى ذلك بطلب من نافذين في القصر الجمهوري، أصرّوا على أن تُسند التحقيقات إلى جهاز أمن الدولة الذي يديره فريق يوالي رئاسة الجمهورية.
وبناءً على إشارة القاضية الخازن، أوقف جهاز أمن الدولة كلاً من مدير شركة «OSS» (التي تعاقد معها الكازينو لتشغيل منصّات الميسر والمراهنات «أونلاين») جاد غاريوس وشريكه داني عبود، بعد التحقيق معهما. ووفق المعلومات، أبلغ «أمن الدولة» رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان، رولان خوري، طلب الاستماع إلى إفادته اليوم.
كذلك أسفرت التحقيقات عن توقيف 12 شخصاً من أصحاب صالات القمار غير الشرعية، التي كانت تُقدَّم، من قبل الكازينو وشركة «OSS»، على أنها «فروع رسمية» للكازينو، بعد منحها تراخيص بطريقة مخالفة للقانون.
وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن التحقيقات الجارية تتمحور حول شبهة تبييض أموال تجري خلف واجهة ألعاب الميسر والمراهنات «أونلاين»، إلى جانب التحقّق من الفارق بين حجم العمليات الفعلية وحجمها المُصرّح عنه رسمياً، في ظل معلومات تُشير إلى أن عمليات بملايين الدولارات تجري داخل صالات القمار التي منحها كازينو لبنان تراخيص بشكل غير قانوني، من دون أن تُدرَج هذه العمليات ضمن البيانات الرسمية، ما يعني، عملياً، وجود تهرّب ضريبي واسع النطاق وسطو على جزء من الإيرادات العامة المستحقّة لوزارة المالية.
ويُرتقب أن يشمل التحقيق مع غاريوس عبود أيضاً مسألة عدم قانونية منح رخص لصالات قمار غير شرعية، وهو ما ستتم إثارته اليوم مع خوري.
وقبل عشرة أيام، داهم عناصر جهاز أمن الدولة مبنى كازينو لبنان وصادروا أجهزة كمبيوتر محمولة (لابتوب)، كما داهموا الفرع الرئيسي لشركة تحويل الأموال «OMT» في الطيونة، بصفتها الشركة المتعاقدة مع الكازينو لتشريج حسابات اللاعبين ودفع أرباحهم المالية.
ووفق مصادر مطّلعة، تمحورت أسئلة المحقّقين مع أصحاب صالات القمار الموقوفين حول طبيعة الاتفاقيات الموقّعة مع «OSS»، والنسب التي تُدفع لها عن كل عملية لعب رابحة، وحجم العمليات الشهرية التي تُجرى لصالحها، سواء بشكل مباشر أو عبر مكاتب ووسطاء ومندوبين. وطُلب من كل موقوف من الـ12 دفع مبلغ 1000 دولار بدل أتعاب خبير مكلّف من جهاز أمن الدولة بالكشف على الأجهزة المُصادرة من صالاتهم، علماً أن معظم هؤلاء باستثناء اثنين فقط، يُشغّلون صالات ضخمة.
في خلفية هذا الملف، تفيد الأجواء بأن القاضية الخازن فتحت التحقيق بدفعٍ من القصر الجمهوري، بعد رفض خوري المحسوب على التيار الوطني الحر تقديم استقالته، في وقت يسعى فيه رئيس الجمهورية جوزيف عون إلى تعيين بديل عنه.
وتشير المعطيات إلى «طبخة» تُعدّ في القصر الجمهوري لسحب التلزيم من «OSS» ومنحه لشركة أخرى مقرّبة من أوساط رئاسية. لكنّ المفارقة، أن كازينو لبنان لا يملك قانوناً صلاحية تنظيم ألعاب الميسر «أونلاين» وفق القانون، ما يعني أن استبدال الشركة لا يُمثّل إصلاحاً ولا محاربة للفساد، بل إعادة توزيع للمنافع.
ولا بدّ من العودة إلى أساس القضية لفهم حجم المخالفة المُرتكبة. فالمشكلة تعود إلى 18 تشرين الثاني 2022، عندما وقّع كازينو لبنان عقد تلزيم تشغيل ألعاب الميسر والمراهنات الرياضية عبر الإنترنت مع شركة «OSS (Olive Support Systems)»، التي أطلقت لاحقاً تطبيق «BetArabia» لتشغيل هذه الخدمات.
بهذه الخطوة، تعدّى الكازينو على صلاحيات مديرية اليانصيب الوطني في وزارة المالية، التي أوكل إليها مجلس الوزراء، بموجب مرسوم صادر عام 2012، مهمة تنظيم كل ما يتعلّق بالمراهنات الرياضية وألعاب القمار «أونلاين»، سواء الناشئة أو التي ستُنشأ لاحقاً، باستثناء الألعاب الأرضية التي تندرج ضمن صلاحيات الكازينو وسباقات الخيل فقط.
وتكمن أهمية مرسوم 2012 في أنه يمنح الدولة آلية شفّافة وقانونية لتشغيل ألعاب المراهنات عبر الإنترنت، من خلال مزايدة علنية تُشرف عليها مديرية اليانصيب الوطني، ما يتيح للخزينة العامة تقاسم الأرباح مباشرة مع الشركة الفائزة بالتلزيم، من دون الحاجة إلى إشراك كازينو لبنان كطرفٍ ثالث يأكل من حصّة الدولة المالية من دون أن يقدّم شيئاً في المقابل، سوى أنه عَمِلَ كوسيط بين الدولة والشركة المتعهّدة بتشغيل الألعاب.
وأثارت «الأخبار» هذه القضية بدءاً من عام 2022. وبعد إصرار إدارة كازينو لبنان على أحقيّتها في تشغيل ألعاب القمار الإلكترونية، حسم ديوان المحاسبة الجدل منتصف عام 2023، حين أصدر رأياً استشارياً قاطعاً، أكّد فيه عدم امتلاك الكازينو أي صلاحية قانونية لتنظيم أو تشغيل ألعاب الميسر «أونلاين»، واعتبر أن العقد الموقّع مع «OSS» يُشكّل تجاوزاً صريحاً لقانون القمار.
وأكّد الديوان ما أشارت إليه «الأخبار» بأن الكازينو مُنح عام 1994، استناداً إلى قانون القمار لعام 1954، حقاً حصرياً باستثمار ألعاب القمار في النادي الوحيد في المعاملتين، أي إن الامتياز محصور بالألعاب الأرضية، ولا يشمل الألعاب الرقمية أو الإلكترونية التي لم تكن موجودة أصلاً عند صدور القانون.
وبحسب رأي الديوان، فإن الملحق التعديلي للعقد الذي وُقّع مع الكازينو في آذار 2023، ومنح الكازينو جميع ألعاب القمار «أونلاين»، يُعتبر مخالفة قانونية، وقد تحمّل مسؤوليتها كل من وزيرَي المالية والسياحة السابقيْن، يوسف الخليل ووليد نصّار، اللذين وقّعا الملحق بعد موافقة استثنائية من رئيسَي الجمهورية والحكومة آنذاك، ميشال عون ونجيب ميقاتي.
ندى أيوب - الاخبار
|
|
|
|
|
يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره
|
|
|