«النافعة»: هل حصل التغيير... حقاً؟
|
|
محلي
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
631 views
|
|
|
al-akhbar
|
Source:
|
-
|
|
|
+
|
|
|
فجأة، أشيع في البلد أن حلاً قد حصل لمشكلات هيئة إدارة السير ومصلحة تسجيل السيارات «النافعة»، وراجت مناخات بأنها في طريقها إلى التحوّل من وكرٍ للفساد إلى مرفقٍ عامٍ نموذجي الأداء.
لكن تدقيقاً بسيطاً يقول إنّ هذا الترويج لا يطابقه أي متغيرات جوهرية يحكم عمل «المصلحة»، أو حتى معالجة ملفٍ واحد من الملفات الكثيرة المتراكمة.
لا بل يتّضح في المتابعة أن الإصلاح المنشود استدعى «توغّل» شركة Siren في جميع مفاصل «النافعة»، سواء لجهة تحكمّها التقني في المنصات الموجودة وتلك المنوي إطلاقها وفي «الداتا»، أو لجهة مواصلة الإرضاء لأصحاب معارض السيارات ومستوردي السيارات، مقابل أموالٍ ينفقونها على «النافعة»، رغم أنه بات لـ«مصلحة» موازنة قائمة، بخلاف ما كان عليه الوضع في السنوات الماضية. هذا كله، تضاف عليه فكرة «عبقرية» بأن يستكمل الإصلاح بمشروع لخصخصة المعاينة الميكانيكية.
كل ما سبق وغيره الكثير من العناوين، تشكّل جدول أعمالٍ يُفترض برئيس مصلحة تسجيل السيارات والمركبات والآليات، العميد نزيه قبرصلي، وبالمدير العام لهيئة إدارة السير المحافظ مروان عبود، ومن خلفهما وزير الداخلية أحمد الحجار، التعامل معه وفقاً للقوانين، وما تستدعيه المصلحة العامة. لا سيما أن واقع الحال يقود إلى نتائج مقلقة. إذ استمرت المخالفات، والمواطن ليس راضياً.
بداية مع سيطرة نقابة معارض السيارات وجمعية مستوردي السيارات، التي بادرت خلال عام 2024 بعرض هباتٍ عينية ونقدية وقسائم محروقات على إدارة «النافعة»، مقابل تخصيص يوم للكشف على سيارات زبائنهم وإنجاز معاملات تسجيلها.
وأصبح لهؤلاء جداول مواعيد خاصة، من خارج منصة حجز المواعيد المعتمدة لبقية المواطنين. واستحوذ أصحاب المعارض وشركات السيارات على الجزء الأكبر من مواعيد الكشف والتسجيل.
يومها، بررت الإدارة الخطوة بغياب الموازنة الغائبة عن المصلحة منذ عام 2019، وهي تعاني أصلاً من نقصٍ في الكادر البشري نتيجة التوقيفات التي قام بها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي نهاية عام 2022، فيما لا يغطي عدد العناصر المنتدبين من «الداخلية» إلى «النافعة» هذا النقص.
إضافة إلى تراكم آلاف المعاملات بسبب إقفال «المصلحة» لمدة عامٍ ونصف عام، عدا عن أنّ دوام العمل كان يقتصر على ثلاثة أيامٍ فقط. وعلى هذا الأساس، جرت الموافقة على قبول الهبات العينية وقسائم المحروقات، وتمت تغطية القرار بموافقة شفهية من رئيس الحكومة في حينه نجيب ميقاتي، ومن وزير الداخلية بسّام المولوي، إضافة إلى موافقة خطية من محافظ بيروت مروان عبود، بصفته مدير عام الهيئة، وطبعاً رئيس مصلحة تسجيل السيارات آنذاك محمد عيد، ومرّت عبر مجلس إدارة الهيئة.
قبول الهبات العينية جرى وفقاً للأصول، وأنّها الوسيلة الوحيدة لتأمين المصاريف التشغيلية، وصيانة المباني والتجهيزات، وأنّه لم يكن هناك إمكانية للعمل من دونها حيث المباني المتهالكة والأعطال الكثيرة.
أما قسائم المحروقات، فقد وزّعت على العاملين في الهيئة (مدنيين وعسكريين) بموجب لوائح اسمية. واستخدمت لـ«تحفيز» العاملين، الذين باتوا يداومون لخمسة أيام بدلاً من ثلاثة، وتختلف أعداد القسائم حسب كل موظف، بحسب ساعات العمل والإنتاجية. حتى أن أعضاء مجلس الإدارة كانوا يحصلون على قسائم محروقات قبل كل جلسة يعقدها المجلس، لزوم تغطية كلفة انتقالهم وأتعابهم، بحجة أنّ الواحد منهم لا يزال يتقاضى 100 ألف ليرة عن كل جلسة يحضرها. وكان عبود يحصل على قسائم محروقات ويتولى مهمة التوزيع عليهم.
إن كان ذلك مفهوماً بعض الشيء (دون أن يعني ذلك إعطاء أفضلية لمعاملات أصحاب المعارض والشركات) بذريعة غياب الموازنة، إلا أن السؤال ظل مطروحاً حول استمرار الإدارة الحالية السير بسياسة قبول الهبات العينية، أو قسائم المحروقات وهي ظلت مشروطة بتسيير معاملات المعارض وشركات السيارات، عبر لوائح خاصة بهم من خارج منصة حجز المواعيد.
والسؤال يصبح ملحّاً أكثر، بعدما أقرت الحكومة موازنة للهيئة ضمن الموازنة العامة للدولة. وهي أسئلة تفتح الباب أمام أسئلة أكثر حراجة، عما إذا كان التعاون مع المعارض والشركات، هو مصدر «مبالغ مالية نقدية بدأت الإدارة تدفعها حديثاً لموظفي النافعة إلى جانب قسائم المحروقات، وهي تساوي 80 دولاراً في الشهر للموظّف، و100 دولار لرئيس المركز»، ويتم صرفها أيضاً تحت مسمى «حوافز»؟
لا دفاتر سوق ولا لوحات ولا لواصق
تعاني «النافعة» منذ شهرين من غياب رخص السوق ودفاتر السيارات واللوحات واللاصقات الإلكترونية، إذ لا إمكانية لتسجيل السيارات أو الحصول على دفتر سوق.
واتضح أنّ «الإدارة لم تصدر أمراً مباشرة لشركة «انكريبت» من أجل توريد الدفاتر واللوحات، لأنها لم تكن قد قرّرت السير بالتمديد لإنكريبت أم لا»، وفقاً لمصادرها.
مع العلم أنّ ليس أمام «النافعة» إلا السير بالتمديد لـ«إنكريبت» بموجب قوانين تعليق المهل الصادرة، المرتبطة بجائحة «كورونا» وبالحرب الأخيرة على لبنان، عوضاً عن المدة التي توقّفت فيها المصلحة عن العمل.
وهي قوانين صادرة وملزمة لـ«النافعة»، ومددت العمل بعقد «إنكريبت» مع «النافعة» من أيلول 2023 حتى عام 2026، حيث ستبقى «إنكريبت» مسؤولة عن توريد البضاعة لـ«النافعة»، وعن تشغيل نظام المعلوماتية أيضاً. وهناك حديث عن إعداد دفتر شروطٍ جديد لطرحه أمام مناقصة عامة. وإذا حصل ووقع الاختيار على شركة جديدة، فإن المصادر المعنية تقول إنه قد يتم اللجوء إلى وقف العمل مع «إنكريبت».
المعاينة الميكانيكية إلى الخصخصة؟
في 30 تشرين الأول 2023، كان مفترضاً أن تُفضّ عروض مناقصة التلزيم لمراكز المعاينة الميكانيكية، وكان يُفترض أن يعود العمل في مراكز صيدا وزحلة وطرابلس والحدت، مع بداية عام 2024.
غير أن المحافظ عبود أرجأ جلسة التلزيم، وجرى سحب دفتر الشروط من على موقع هيئة الشراء العام. وقال عبود إن السبب «إدخال تعديلات، لإزالة الغموض من الدفتر، تفادياً لتعرّض عملية التلزيم للطعن، بعدما طلبت أربع شركات توضيحات حوله».
فيما كان لرئيس هيئة الشراء العام، جان العلية، رأي قانوني لجهة «إمكانية إدخال التعديلات على الدفتر بالتزامن مع تمديد مهلة تقديم العروض، عوضاً عن سحبه من أصله».
انقضت سنة وسبعة أشهر على تعليق فضّ العروض، ولم يُنشر الدفتر المعدّل. ليتبيّن أنّ المعنيين بالأمر، يعدّون دفتراً جديداً ليكون بحسب رأيهم «عصرياً، يسمح بخصخصة المعاينة إذ تتعاقد هيئة إدارة السير مع كاراجات تصليح سيارات، تكشف على المركبات وتمنح أصحابه إفادة في حال كانت مستوفاة للمعايير».
هل انتهى التزوير وقبض الرشاوى؟
منذ عودة العمل في «النافعة» في عام 2023، نشرت «الأخبار» معلومات عن مخالفات تُرتكب بالتواطؤ بين موظفين في «النافعة» ومعقبي معاملات. تبدأ بتقاضي الرشاوى، ولا تنتهي عند توقيع عسكريين من رتب مختلفة بيانات بأوصاف السيارات على بياض، وكذلك القيام بتزوير اللوحات ومحاضر قوى الأمن، وبيع لوحاتٍ بأرقام مميزة من دون علم أصحابها عبر تزوير مستندات رسمية، وإنجاز معاملاتٍ من دون حجز مواعيد على المنصة مثل تجديد رخص النقل السنوية، وإنجاز معاملاتٍ بعد منتصف الليل، كما حصل في فرع صيدا، حيث أنجز موظف واحد 1665 معاملة بعد انتهاء الدوام. تقول مصادر معنية في «النافعة» إنّ «جميع الملفات حوّلت إلى النيابة العامة التمييزية، وقد فتح فرع المعلومات التحقيق في ملفّين على الأقل، وتم توقيف عدد من الموظفين والسماسرة حتى الآن، وترك آخرين رهن التحقيق». لكن هل يعني هذا أنّ أياً من التجاوزات تلك مضبوطة إلى حدٍ كبير؟ ولماذا تقصّد إشاعة هذا الجو؟
«سايرن» عينها على «النافعة» أيضاً
عام 2023، عرضت كارول شراباتي بصفتها مديرة الأبحاث في شركة «سايرن» البريطانية، تصميم منصّة حجز مواعيد لـ«النافعة»، وتضمّن عرضها إلزامية أن يُنشئ طالب الموعد حساباً «Account» بعد الإجابة عن مجموعة من الأسئلة، التي تم اختصارها من قبل وزارة الداخلية آنذاك، على اعتبار أن فيها جمع معلومات غير ضروري لحجز موعدٍ في «النافعة»، مثل اسم الأم وعائلتها، تاريخ الميلاد، مكان السجل ورقم السجل، نوع الهوية ورقم الهوية، القضاء والمحافظة. وجرى الاشتراط أن تُحفظ «الداتا» على خادم موجود في هيئة إدارة السير.
تعود شراباتي اليوم، لتعمل مع الهيئة على تطوير منصة جديدة لحجز المواعيد، بحجة أن المنصة المعمول بها تشكو من عيوب تقنية، علماً أن الإدارة كانت قد أبلغتها في وقت سابق أن المنصة لا تعمل جيداً، ولم تعالج الأمر. وهناك مخاوف جدية من أن لا يخضع تصميم المنصة الجديدة للشروط التي كانت معتمدة سابقاً لجهة نوعية «الداتا» المطلوبة وكميتها ومكان حفظها.
لا تكتفي شراباتي بذلك، فهي تُقحم «سايرن» في كل شاردةٍ وواردة في «النافعة»، حتى بات يُقال إنّها وصلت إلى «المصلحة» قبل العميد قبرصلي يوم تسلمه مهماته الجديدة.
وهي تصمم أيضاً منصّة مواعيد خاصة لمعارض وشركات السيارات، وكذلك منصة لمدارس تعليم السوق. وهذه الأخيرة تستخدمها المدارس لحجز مواعيد للمتقدمين، ثم إصدار إفادة بنتائج امتحانات السوق. وتعتبر المنصة الأكثر حساسية، إذ إنّ من بين الـ«الداتا» التي سيتم إدخالها إليها بصمات العين واليدين. مجدداً يُطرح السؤال نفسه عن مكان حفظ البيانات، وهل سيتم ربط منصات «النافعة» بمنصة «impact»؟ ولماذا حصر التعاون مع «سايرن» تحديداً، إن كان في وزارة الداخلية أم في «النافعة».
أما عن الـ«Queueing system»، الذي يروّج على أنه تطوّر في الخدمات، فهو ليس إلا نظاماً استحدثته «سايرن» في عام 2023، لإدارة عملية انتظار المواطنين، في فرع «النافعة» في الدكوانة، إذ يحصل المواطن على ورقة عليها الرقم والشباك المخصص للمعاملة، (شبيه بالنظام الموجود في المصارف)، وبعدما أوقفت العمل به لمدة، أعادت تشغيله حالياً.
فريد البستاني... هل هناك تضارب مصالح؟
لا جواب واضحاً لدى المعنيين في مصلحة تسجيل السيارات، حول الهبات المقدمة من أصحاب المعارض ومستوردي السيارات سوى القول «إنّ من يقدم لنا هبات سنقبلها، والموازنة لا تغطي كل النفقات».
اللافت أنّ هذا الأمر يترافق مع العمل على إنشاء منصّة خاصة بمستوردي السيارات، وأنّ أبرز هؤلاء المستوردين، هو النائب فريد البستاني (لشركته وكالة حصرية لسيارات تويوتا ولكزس).
البستاني يجول في «النافعة» أسبوعياً، ويتحدّث عن خطط النهوض بها، ويُجري تقييمات لما أُنجز وما لم يُنجز بعد، ويحسم أنّ «النافعة» تشهد تطوراً لافتاً. لكن، هل البستاني يحضر كونه رئيس لجنة الاقتصاد وعضو لجنة الأشغال، أم ممثلاً لشركات السيارات؟ وماذا عن تضارب المصالح؟
لكن البستاني يقول لـ«الأخبار»، إنه «لا يتعاطى بأمور شخصية، ولا يتلقى مصلحة خاصة، ولم يقدّم هبات». ويضيف «مؤسستي تطبّق القوانين، وليس لديها أي تضارب مصالح». وعن تواجده الدائم في «النافعة»، اعتبر أن «جميع الأمور التي تهم مصلحة المواطنين هي من صلاحيات لجنة الاقتصاد، وأنه عضو في اللجنة الفرعية المولجة بتتبّع الأوضاع هناك».
|
|
|
|
|
يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره
|
|
|