زلة قدم شخص أم تغيير في نهج مؤسسة عظيمة ؟

أيهما الأولى: الزمان أم المكان ؟

سؤال لم يجد جواباً شافياً حتى الآن، فالبعض مشغول بالزمان ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فيما البعض الآخر مهتمّ بالمكان الذي يحيط به. لكن الغرابة هي ان ترتسم امامك وقائع خارجة على الزمان والمكان، وخارج السياق المألوف لتصبح لغزاً يتطلب تأملاً وتدارساً دقيقاً لفك رموزه.

ففي زمن يسود فيه القلق من وباء كورونا لدى معظم بني البشر، وتضطرب فيه الأنظمة الاقتصادية في العالم، تطالعك معلومات تفيد ان مسؤولاً غير زمنيّ ينتمي الى مؤسسة روحية عريقة ساهمت في نهضة الشرق وأعطت أنموذجاً في الخدمة الإنسانية وعبرت كل الحدود لتنشر ثقافة العطاء والتضحية والايمان في كل زمان ومكان.

لكن ما يثير الدهشة ان يرحل ـ أو يُرحّل ـ أحد أعضائها عن إحدى العواصم الأوروبية ليحلّ في عاصمة مجاورة بذريعة العمل كمستشار لدى إحدى المنظمات الدولية لشؤون الشرق الأوسط بصورة مؤقتة، ومن الطبيعي ان يكون في مقدمة تلك الشؤون قضايا النازحين، وتهجير المسيحيين من البلاد التي ضربتها الأحداث خلال السنوات الماضية، لكن خبراء عارفين بشؤونه أدركوا وأخبروا ان تذرعه هذا لا يمتّ للحقيقة بصلة، خصوصاً ان ظروف تركه مسؤولياته الرعوية السابقة غير مشجعة لا لإستقطابه كأحد أصحاب العقول والقدرات التنفيذية، لكن ما هو مبيّت بات ظاهراً الى العلن وهو بعيد كل البعد عن رسالة وتاريخ المؤسسة الروحية الضخمة التي ينتمي اليها والتي تعتبر الاحتياط الكبير الذي يطمئن اليه الجميع خلال الصعوبات والأوقات المصيرية.

اليوم، ذهول يحلّ لدى من يراقب تصرفات هذا الشخص في ادق الظروف التي يمرّ بها لبنان وقد لاحظ الجميع انزلاقه الى مغالطات عديدة في تناول قضايا لبنان والمنطقة، ما يسبّب نفور كل من استمع اليه محاوراً ويذكر بما حصل مع احدى الاخوات من الجنسية السورية في الحقبة ٢٠١٤/٢٠١٣.

ويبقى السؤال الكبير، هل ان تصرفات هذا الشخص تعكس بداية تغيير في نهج ورسالة المؤسسة الروحية العظيمة التي ينتمي اليها، أم انه ينتهز فرصة انتمائه اليها ليعمل على وقع نغمة خفية أخرى ؟ ويشجع على هذا التساؤل عدم وضوح الغاية ولا توقيت وصوله الى عاصمة أوروبية هي غاية في الأهمية، والأهداف الحقيقية التي لم تظهر كلها بعد، وقد يكون ما ظهر حتى الآن هو رأس جبل الجليد.

الأمل كبير، في ان تعي المؤسسة الروحية العظيمة ما يقوم به أحد المنتمين اليها، وتسارع الى استدعائه لتصحيح مساره قبل ان يتسبّب بالمزيد من التشوّهات في صورته وصورتها من خلاله لأن تماديه أكثر سيشعل سجالات كبيرة في غير مكانها وزمانها.