بيروت تشهد "أكبر سرقة مصرفية في التاريخ".. فمن السارق؟
574 Views
|
03:14
| 17-07-2025
|
في قلب بيروت المشتعلة بالحرب الأهلية مطلع عام 1976، جرت واحدة من أكثر السرقات المصرفية غموضاً في التاريخ، عملية وصفت بأنها أقرب إلى عملية عسكرية منها إلى جريمة جنائية، وما زالت حتى اليوم تحيط بها الأسئلة من كل جانب: من نفذها؟ كم بلغ حجم الغنيمة؟ ولماذا لم يُكشف أي من المشاركين فيها؟
الهدف كان بنك الشرق الأوسط البريطاني (BBME)، الواقع في شارع البنوك وسط العاصمة، على خط التماس الفاصل بين مناطق النفوذ المتقاتلة، والملاصق تقريباً لمبنى البرلمان وساحة النجمة. كانت تلك المنطقة وقتها خالية تقريباً، بعد أن أُجلي الموظفون بفعل القصف المتكرر، تاركين البنك محاطاً بالدمار والفراغ.
في 20 يناير من العام نفسه، دخلت مجموعة مسلحة إلى مبنى البنك، مدججة بأسلحة رشاشة من طراز M16 وقذائف يدوية وأخرى من نوع هاون قيل إنها من صنع إسرائيلي. ولم يكن هدفهم المال فقط، بل ربما ما هو أكثر من ذلك. عملية الاقتحام تطلّبت تفجير جدار تابع لكاتدرائية سانت لويس المجاورة للوصول إلى الخزنة، واستمرت أعمال الحفر والتفجير أربعة أيام كاملة.
تشير بعض الروايات إلى أن الجناة استعانوا بخبراء محترفين من مافيا كورسيكا لفتح الخزنة المعقدة، وهو ما اعتبره البعض محاولة لصرف الأنظار عن الجهة الحقيقية المنفذة للعملية. وعلى مدى ستة أيام، بقي أفراد العصابة داخل المبنى دون أن يعترضهم أحد. وعندما اكتملت العملية، غادروا الموقع محملين بأموال طائلة، غالبيتها بالجنيه الإسترليني والدولار الأميركي، إضافة إلى سبائك ذهبية ومجوهرات وأوراق مالية وسندات.
المثير أن عناصر المجموعة انسحبوا من الموقع وكأنهم غير مرئيين، وسط مدينة مشتعلة وخاضعة لرقابة مليشيات مسلحة واستخبارات متداخلة. لم يُعتقل أحد، ولم تُرصد أي محاولة لاحقة لتتبعهم بشكل جاد.
بعد نحو نصف قرن، لا تزال الروايات حول حجم المسروقات متضاربة. ففي حين قدرت بعض المصادر قيمة ما نُهب بما يعادل اليوم بين 250 و600 مليون دولار، شككت سجلات البنك الرسميّة في حجم الخسارة، وسط تكتم لافت من الحكومة البريطانية. ومع ذلك، ما تزال موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية تصنف هذه السرقة كأكبر سرقة مصرفية في التاريخ.
لكن المال لم يكن كل ما اختفى من البنك. فقد أكدت تقارير لاحقة أن وثائق بريطانية شديدة السرية كانت ضمن المسروقات، وتكشف تلك الوثائق ـ حسب مصادر غير مؤكدة ـ عن تمويلات استخباراتية للمليشيات المتصارعة في لبنان، ما زاد من تعقيد القصة وربطها بأجهزة كبرى من بينها استخبارات غربية وشرق أوسطية.
قضية السرقة لا تزال حتى اليوم ملفاً غير مغلق، وجريمة بلا متهمين، وسؤالاً مفتوحاً في أدراج التاريخ، عن أكبر عملية "نهب منظم" شهدها نظام مصرفي في قلب الفوضى، دون أن يترك وراءه سوى أثر يشبه الخيال.
يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره