موقع فوردو النووي… منشأة إيرانية تثير قلق عالمي
Agencies
297 Views 06:36   |  17-06-2025
في عمق جبال قُم الإيرانية، تقع منشأة فوردو النووية، أحد أكثر المواقع إثارة للجدل والقلق في العالم، بخمسة أنفاق تحت الأرض وهيكل دعم ضخم وتحصينات أمنية غير عادية، تُمثّل فوردو معضلة أمنية دولية يصعب تجاوزها، إذ يصعب استهدافها عسكريًا أو حتى مراقبتها بفعالية تامة.

هذا الموقع، الذي كُشف عنه لأول مرة عام 2009، لا يزال محور الاهتمام العالمي في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني.

متى بدأ مشروع فوردو؟
على الرغم من أن السلطات الإيرانية أعلنت عن الموقع في 2009، إلا أن صور الأقمار الصناعية كشفت أن أعمال البناء بدأت فعليًا منذ عام 2002، أو حتى قبل ذلك، وتشير صور التُقطت في 2004 إلى هياكل بيضاء مربعة كانت بمثابة مداخل للأنفاق.

بحسب ديفيد أولبرايت، رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، فإن فوردو كانت جزءًا من “برنامج الأسلحة النووية المُتسارع” الذي سعت من خلاله إيران إلى إنتاج يورانيوم عالي التخصيب لأغراض عسكرية.

منشأة عالية التحصين
تقع في القسم المركزي جنوب محافظة قُمّ الإيرانية، شُيِّدت على عمق يُقدَّر بـ 500 متر داخل صخور صلبة ومحاطة بجدران خرسانية مسلحة ودفاع جوي، بهدف حمايتها من أي هجمات جوية محتملة، ما يجعلها من أكثر المنشآت النووية تحصينًا في إيران.

تتخصص المنشأة في تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية تتيح إمكانية استخدامه في إنتاج وقود نووي أو في تصنيع أسلحة نووية، إذ تحتوي على أجهزة طرد مركزي من طرازات متطورة تقوم بتخصيب اليورانيوم إلى نسب تصل إلى 60 % وهي نسب مرتفعة جدا تقترب من مستوى الاستخدام العسكري.

ردود الفعل العالمية منذ الكشف

بعد كشف الموقع رسميًا، وقفت قوى الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في مؤتمر صحفي، لتحذر من أن حجم وهيكل فوردو لا يتوافق مع الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وعلى الرغم من تأكيد طهران على سلمية برنامجها، فإن تصميم المنشأة وموقعها تحت الأرض أثارا شكوكًا كبيرة.

حتى روسيا والصين – الحليفتان التقليديتان لطهران – أعربتا عن قلقهما حينها، واعتبرت إيران أن بناء المنشأة تحت الأرض كان ضروريًا لمواجهة تهديدات متكررة بشن هجمات عسكرية على منشآت نووية مثل نطنز.

فوردو والاتفاق النووي
في إطار الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (خطة العمل الشاملة المشتركة)، وافقت طهران على تقليص أجهزة الطرد المركزي داخل فوردو إلى الثلث، وإخلاء المنشأة من المواد النووية، لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018، بدأت إيران في إعادة تشغيل وتوسيع قدرات فوردو بشكل تدريجي.

الوثائق المسروقة والاتهامات الإسرائيلية
في نفس العام، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن امتلاك بلاده لأرشيف نووي إيراني ضخم، يحتوي على أكثر من 55 ألف وثيقة، منها مخططات ومعلومات دقيقة عن فوردو.

وأكدت هذه الوثائق، وفقًا للخبراء، أن فوردو صُممت لإنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة، مع قدرة نظرية على تصنيع سلاح أو اثنين سنويًا.

هل يمكن تدمير فوردو عسكريًا؟
أحد أبرز أسباب القلق من فوردو هو عمقها الشاهق تحت الأرض، الذي يتراوح بين 80 و90 مترًا. هذا العمق يجعلها محصنة ضد معظم أنواع القنابل، بما في ذلك تلك التي تمتلكها إسرائيل.

القنبلة الأمريكية GBU-57 الخارقة للتحصينات هي الوحيدة التي يُعتقد أنها قادرة على اختراق مثل هذا الموقع، لكنها لا تُستخدم إلا عبر قاذفات شبح B-2، التي لا تمتلكها إسرائيل.

وقال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة يحيئيل ليتر إن “تدمير منشأة فوردو يتطلب قرارًا أمريكيًا، لأن الولايات المتحدة وحدها تمتلك القدرة العسكرية اللازمة لذلك”، وحتى في هذه الحالة، يرى محللون أن الأمر سيتطلب ضربات متعددة ومركزة على نقطة محددة، وهو أمر بالغ التعقيد.

الأنشطة الحالية داخل فوردو 
بحسب تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مايو 2025، فإن فوردو تحتوي حاليًا على 2700 جهاز طرد مركزي، وتقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى قريب من العتبة العسكرية.

هذا يعني أن إيران تستطيع، نظريًا، تحويل مخزونها إلى يورانيوم يستخدم في تصنيع تسعة رؤوس نووية خلال ثلاثة أسابيع فقط.

ويُعد ذلك تطورًا بالغ الخطورة، خاصة أن إيران لا تملك رسميًا أسلحة نووية، لكنها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج مواد بهذا المستوى من التخصيب.
يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره
 
EkherElAkhbar©2025 App by Softimpact