إنّها جهنَّم: الدولار سيتخطّى العشرة آلاف ليرة

اقتصاد
27-9-2020 |  11:11 AM
إنّها جهنَّم: الدولار سيتخطّى العشرة آلاف ليرة
2426 views
almodon Source:
-
|
+
كتب خضر حسان في ” المدن ” :

ظنَّ رئيس الجمهورية ميشال عون منذ نحو أسبوع، أنّ رمي كلمة “جهنّم” خلال مؤتمر صحافي، سيُنسى مع اختتام المؤتمر، شأنه شأن كلام أعضاء المنظومة الحاكمة التي اعتادت عشوائية الكلام وشعبويّته. ولم يدرك ساكن قصر بعبدا أنّه ينطق بكلمة السرّ التي كشفت عقم عملية تشكيل حكومة مصطفى أديب، وأيضاً عقم المبادرة الفرنسية. لينطلق موكب دخول لبنان إلى جهنّم، من بوّابة الدولار.

لا ضوابط للدولار

لنحو شهر، حافَظَ الدولار في السوق السوداء على معدّل وسطي يصل إلى حوالى 7500 ليرة. يرتفع أحياناً وينخفض بحسب بعض المؤشرات السياسية.
ولعبت عملية تكليف أديب تشكيل الحكومة، دوراً في لجم الارتفاع المفرط للدولار، ترقّباً لمسار التشكيل. ففي حالات الترقّب، يُحجِم حَمَلة الدولار على التصرّف به، عرضاً وطَلَباً، ويتقلّص طلب التجار للدولار إلى معدّلات دنيا، أملاً بانفراج ما.

الاعتذار عن تشكيل الحكومة أزال كل الاحتمالات الإيجابية. وأولى نتائج الاعتذار، تخطّي الدولار عتبة الـ8000 ليرة، ووصوله في بعض المناطق إلى نحو 9000 ليرة. وما يزيد القلق، هو الإقبال على شراء الدولار طَمعاً بتسجيل أرباحٍ إضافية بعد ارتفاعه.

بالتوازي، فإن ارتفاع أسعار الدولار يستتبع ارتفاع أسعار السلع بنسبة تفوق معدّل ارتفاع العملة الخضراء. ويتزامن غلاء الأسعار مع فقدان الليرة قدرتها الشرائية، مدعومة بإصرار المصرف المركزي على طبع تريليونات من الليرة، لا نَفعَ لها إلاّ في تغذية التضخّم. ومع حكومة تصريف الأعمال وفرملة الاقتصاد واضمحلال الاستثمار، فإن الانفاق العام المستمر، يساهم في تردّي أوضاع المالية العامة.

إزاء ما تقدَّم، لا ضيرَ من استذكار “بشارة” حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حول وقف دعم استيراد المحروقات والأدوية والقمح. فالبشارة هي نجمة الشمال التي سترشد البلاد نحو عمق جهنّم. إذ ستصبح الطريق سالكة أمام الدولار لتخطّي عتبة الـ10 آلاف ليرة، والاتجاه صعوداً نحو المزيد من الأرقام، من دون ضوابط.

صندوق النقد والمبادرة الفرنسية

حاوَل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاستفادة من لحظة الصمت التي فرضها تفجير مرفأ بيروت، ليعلن مبادرة إنقاذية للبنان. لكنّه لم يحظَ بغير تجربة المغامرة وسط حقل من الألغام السياسية التي جاهرت الولايات المتحدة الأميركية بوضعها، ووسط خمول أركان المنظومة الحاكمة ورفضها إجراء إصلاحات أوصى بها المجتمع الدولي، منذ مؤتمر سيدر وصولاً إلى صندوق النقد الدولي.

التعنّت الداخلي والضغط الأميركي، تكامَلا مع تسرّع حكومة حسّان دياب بُعيد تشكيلها، بتعليق دفع سندات اليوروبوند، بحجّة توظيف الأموال في الداخل، على قاعدة أن اللبنانيين أحقّ بها. فخسر لبنان بذلك ثقة المجتمع الدولي، وغرق في مزيد من تراجع الاستثمارات وتقدم معدّلات البطالة والفقر والغلاء المعيشي.

لن يُقدِم صندوق النقد على إعطائنا المساعدة التي صوَّرَها البعض بأنها “تحصيل حاصل”، وكأنّ الصندوق ينتظر من يناديه حتّى يلبّي النداء من دون اعتبارات أخرى.
وفي السياق، يصف صندوق النقد جلساته مع الجانب اللبناني بأنّها “حوار عبثي”. ويؤكّد الصندوق أن الأزمة في لبنان ستكون “أسوأ” خلال وقت قريب.

لا دياب ولا أديب

تتجه الأنظار نحو جولة جديدة من المشاورات لتكليف شخصية جديدة لتشكيل الحكومة. في هذه الأثناء يبقى دياب رئيساً لحكومة تصريف أعمال لا حول لها ولا قوّة. علماً أن المعطيات السياسية والاقتصادية، تدلّ على أن أديب لم يكن ليبني معادلة أفضل من معادلة دياب. فالطرفان مكبّلان بشروط ووقائع تفوق قدرتهما على الصمود. وبالتالي، السيناريو الذي نعيشه الآن لم يكن مستغرباً، ولم يُفشِ عون سرّاً حين تحدّث عن جهنّم، رغم علمه بانسداد الأفق أمام أديب، ولم يكن خيار الاعتذار سوى مسألة وقت.

بداية الحل الناجح تنطلق من مسارين متوازيين، الأوّل هو الليونة الأميركية، وتحديداً نحو حزب الله، والثاني هو فرض عملية إصلاح تُدَحرَج خلالها رؤوس كبيرة. ولا يستقيم مسار دون الآخر. لكنّ الولايات المتحدة الأميركية لن تتراجع عن موقفها الضاغط بقوة على حزب الله، رغم تأثيره على كامل الشرائح اللبنانية، وكذلك لن يغامر أركان المنظومة بإطلاق عملية إصلاح لا ترتكز على وثيقة سياسية جديدة ومقوّمات اقتصادية متينة.

لا مكان في الداخل اللبناني لأي مبادرة إنقاذية. لا مجال لوقف ارتفاع الدولار. لا آلية لضبط أسعار السلع، ولا أبواب مغلقة أمام الجوع.

اقتصاد

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره