جعجع حمّل بري مسؤولية التعطيل: الانتخابات بخطر
|
393 Views
|
07:56
| 19-12-2025
|
وجّه رئيس حزب "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع رسالةً مفتوحة إلى رئيس الجمهوريّة العماد جوزيف عون طالبه فيها ب"التدخل لإنقاذ الإستحقاق الإنتخابي وإعطاء المغتربين حقّهم"، معتبراً أن "هذه الرسالة هي بمثابة "اقتراح حل" لأنه لم يعد هناك من حل سوى عند رئيس الجمهوريّة باعتبار أن موقع الرئاسة في لبنان أعطيت له الصلاحيات من أجل أن يتم استعمالها في ظروف كالتي نعيشها اليوم"، وقال: "فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بعد كل الذي جرى ويجري، تبقى انت الوحيد القادر على إنقاذ الاستحقاق الانتخابي وإعطاء المغتربين حقّهم".
كلام جعجع، جاء خلال مؤتمر صحافي عقده في المقر العام للحزب في معراب، في حضور أعضاء تكتل الجمهورية القوية وعدد من الصحافيين.
وتابع في رسالته متوجهاً إلى الرئيس عون، بالقول: "انطلاقًا من القسم الدستوري الذي قمتم بتأديته في التاسع من كانون الثاني ٢٠٢٥، والذي تعهدتم عبره باحترام دستور الأمة اللبنانية وقوانينها، وانطلاقًا من خطاب القسم، في التاريخ نفسه، الذي أكّدتم خلاله أمام المجلس النيابي واللبنانيين أجمعين، على "ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة"، وانطلاقًا من المادة ٤٩ من الدستور التي تنصّ على "أنَّ رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور"، وانطلاقًا من أحكام الفقرة العاشرة من المادة ٥٣ من الدستور التي تمنح رئيس الجمهورية وعندما تقتضي الضرورة حقّ توجيه رسائل إلى مجلس النواب، وانطلاقًا من المادة ١٤٥ من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنصّ على وجوب دعوة الهيئة العامة للانعقاد، خلال ثلاثة أيام من تاريخ توجيه رئيس الجمهورية رسالة إلى مجلس النواب، لمناقشة مضمونها، واتخاذ الموقف أو الإجراء أو القرار المناسب، وبناءً على آمال الشعب اللبناني المعقودة على عهدكم بإرساء نهجٍ جديد يُعيد للمؤسسات انتظامها ودورها، وللدستور هيبته وموقعه، وبعدما باتت الانتخابات النيابية في موقع الخطر الجدي مع استنفاد المهل من دون البت بمواد معيّنة في صلب قانون الانتخاب تحتاج إلى تعديل، بسبب التعطيل المتعمّد الذي ينتهجه رئيس مجلس النواب، خلافًا للدستور والنظام الداخلي للمجلس النيابي وللأعراف القائمة، وخلافاً لقرارات السلطة التنفيذية وتوجهات الأكثرية الوزارية، إضافة إلى عرقلته أبسط قواعد التعاون بين السلطات، وعدم تسهيله عمل السلطة التنفيذية، خلافًا للبند (هـ) من مقدمة الدستور، فخامة الرئيس، بناءً على كلّ ما سبق، وبناءً على مبدأ المساواة المنصوص عنه في الدستور ضمن البند (جـ) من مقدمته، لم يبقَ باب للخلاص سوى بتوجيه فخامتكم رسالة إلى مجلس النواب، تطلبون خلالها من رئيس المجلس، دعوة المجلس الى الانعقاد خلال ثلاثة أيام، لمناقشة الرسالة ومشروع القانون المعجل المرسل من الحكومة أصولاً بخصوص قانون الانتخاب، على أن يعتبر مشروع القانون المذكور جزءاً لا يتجزّأ من هذه الرسالة، وبالتالي اتخاذ الهيئة العامة للمجلس النيابي الموقف او الإجراء أو القرار المناسب بخصوصهما، حؤولاً دون نسف الانتخابات برمّتها وإجهاض الاستحقاق الدستوري المنتظر".
وقال: "فخامة الرئيس، إنّ ممارستكم لهذه الصلاحية الدستورية المنوطة بالموقع الأول في البلاد، في هذه اللحظة المصيرية من تاريخ لبنان، ستُشكّل خطوة حاسمة لانتشال الاستحقاق الدستوري المقبل من المجهول، ولتثبيت حقوق اللبنانيين في المشاركة بإعادة انتاج السلطة أينما تواجدوا دون تقويض او تحجيم، إنّ توجيهكم للرسالة، سيؤدّي الى دعوة الهيئة العامة للانعقاد خلال ثلاثة أيام، لمناقشتها واتخاذ القرار المناسب".
وختم رسالته المفتوحة لرئيس الجمهورية بالقول: "إنّ الانتخابات النيابية بخطر، وحقّ المغتربين بالاقتراع وبمساواة مع المقيمين مُهدّد، ورسالتكم هي الفرصة الاخيرة لوضع نقاط الدستور على حروفه، واخراج قانون الانتخابات من زواريب اللجان الفرعية ونقله أمام الهيئة العامة للبتّ فيه، انقاذًا لما تبقّى من ديمقراطية وعدالة. والسلام".
وكان قد استهل المؤتمر الصحافي بالقول: "من يتابع المشهد الصحافي اليوم قد يخيَّل إليه أنّ محور الممانعة بات قاب قوسين أو أدنى من «تحرير إسرائيل»، ولم يبقَ سوى جزء صغير، في ظلّ سيل الانتصارات المعلَنة. فبالأمس، وفي ما بينهم، وسأتوقّف لاحقاً عند مسألة تواطؤ الرؤساء الثلاثة، تمكّنوا من جمع سبعةٍ وستّين نائبًا في المجلس النيابي، ثمّ لحق بهم سبعة أو ثمانية نوّاب آخرين ودخلوا لاحقًا، انطلاقًا من اعتبارهم أنّه بما أن النصاب بات متوافرًا فلماذا البقاء خارج الجلسة. وهذه، للأسف، هي الطريقة اللبنانيّة المعهودة في التصرّف: بما أن النصاب تأمّن فلماذا لـ«نسوّد وجوهنا» دعونا ندخل إلى الجلسة، وكأنّ جوهر المسألة هو تسجيل حضور شكلي وعدم «تسويد الوجه»، لا الالتزام بالسلوك الدستوري الصحيح".
وتابع: "هناك من برّر دخوله إلى الجلسة بالقول: بما أنّ الجلسة انعقدت، فلندخل نحن و«نقوّم المقتاية». لكن اسمحوا لي أن أقول بوضوح: هل «بتتقوّم المقتاية» بهذه البساطة؟ هذا الأمر يتطلّب كتلًا نيابيّة وازنة، وأكثريّة معارضة واضحة، وحضورًا كاملًا لقوى المعارضة، لا دخول نائب واحد يطرح سؤالًا، فيُطلب منه الصمت فيصمت، وتنتهي المسألة عند هذا الحد، وكأنّ شيئًا لم يكن".
وقال: "أود أن أؤكد أولاً أنّنا لا نخوض مبارزة مع أحد، ولا نعدّ النقاط، ولا نمارس أيّ استعراض. لدينا موقف واضح منذ اللحظة الأولى، وسيبقى واضحًا حتى اللحظة الأخيرة. كنّا منسجمين مع أنفسنا ومع قناعاتنا، وهذه هي كلّ القضيّة. من اختار الغياب في المرّة الأولى ثمّ عاد وحضر في المرّة الثانية، فهذا قراره وحده، وفي نهاية المطاف، كلّ إنسان يتحمّل نتائج أفعاله. وكما أنّ «القوّات» في الفترة الأخيرة حصدت نتائج خياراتها من خلال الانتخابات التي جرت في الجامعات، وفي النقابات، وفي مختلف المواقع، وكما سيحصل في الانتخابات النيابيّة المقبلة، كلّ واحد منّا سيتحمّل نتيجة مساره، وهو حرّ في اتخاذ الموقف الذي يراه مناسبًا".
ولفت جعجع إلى أن "المشهد الذي شاهدته بالأمس، وللمرّة الأولى في هذا «العصر الجديد»، أعادني ذهنيًا إلى مشاهد الزمن الغابر، وكأنّ شيئًا لم يتغيّر. نحن نتحدّث عن تاريخنا الحديث في السنوات العشرين الماضية، التأم المجلس في اجتماعات متكرّرة، وقوانين كثيرة أُقرّت، لكن ماذا كانت الحصيلة؟ أزمة ماليّة خانقة لا نزال نتخبّط فيها، وانهيار اقتصادي مستمرّ، وأزمة أمنيّة لم نخرج منها بعد"، موضحاً أن "القضيّة ليست في انعقاد المجلس بحدّ ذاته، بل في الأساس الذي ينعقد عليه، وفي الشكل الذي ينعقد به، ولأيّ غاية يجتمع. هذا المشهد، وإن كنت آمل أن أكون مخطئًا في انطباعي، أعاد إلى ذهني ممارسات الماضي، بل وأعاد إحياء صورة «الترويكا» التي اعتقدنا أنّها أصبحت من الماضي. وأكرّر، متمنيًا من كلّ قلبي أن يكون هذا الانطباع غير دقيق، لكنّ «الترويكا» كانت ولا تزال وصفة خراب للدولة، لأنّها تُلغي السلطات وتضرب مبدأ فصلها في العمق. إنّها، في جوهرها، شكل من أشكال التواطؤ السلبي، هدفها الأول هو تمرير أمور معيّنة وتفادي الصدمات السياسيّة، وإن جرى هذه المرّة من تحت الطاولة، لأسباب قد لا تكون واضحة، لكنّ المؤكّد أنّ هذا المسار لا يحمل أيّ بشائر خير، ولا يدعو إلى التفاؤل، إذا ما عادت بوادر «الترويكا» إلى الظهور. وأعود فأشدّد: أتمنّى أن تكون هذه القراءة في غير محلّها".
وأشار جعجع إلى ان "ما حصل في جلسة الأمس يمكنني أن أفهمه من زاوية موقف محور الممانعة، الذي اتّخذ قرارًا واضحًا بعدم السماح بانعقاد أيّ جلسة إذا كان هناك احتمال لمنح المغتربين حقّ الاقتراع فيها. لكن ما يستوجب التوقّف عنده هو مواقف باقي الأطراف، من الرئاسات إلى بعض النوّاب الذين أعتقد أنّ نواياهم سليمة". وقال: "الحجّة الأساسيّة التي سيقت لتبرير حضور الجلسة كانت واحدة: عدم تعطيل عمل مجلس النواب والتشريع، وتسيير شؤون الناس. المشكلة أنّنا اليوم أمام مجلس نوّاب مشلول، يُدار بطريقة خاطئة. فأيهما أولى لمصلحة الناس والدولة؟ تمرير قانون قد يتأخّر أسبوعًا أو شهرًا، أم الإبقاء على مجلس نيابي يُدار بشكل غير سليم منذ ثلاثين عامًا؟ الأولويّة الحقيقيّة هي تصحيح عمل المؤسّسات، لأنّنا من دون مؤسّسات تعمل وفق الأصول لن نصل إلى أيّ نتيجة سليمة".
وتابع: "يخطئ من يعتقد أنّ ما يجري هو صراع أو منافسة بين «القوّات» ورئيس مجلس النواب. لا تنافس على رئاسة المجلس، ولا معارك انتخابيّة في أيّ دائرة. الخلاف جوهريّ ويتعلّق بطريقة إدارة المجلس النيابي، وهذه الطريقة غير مقبولة. وأقولها بوضوح للأصدقاء الذين دخلوا الجلسة بالأمس: إذا كان همّكم الناس فعلًا، فأوّل ما يجب تصحيحه هو الخلل البنيوي في إدارة المجلس النيابي. فالمؤسّسة التي تُدار بشكل خاطئ لا يمكن أن تنتج إلّا نتائج خاطئة".
واردف: "كم مرّة اجتمع المجلس النيابي في السنوات العشرين الماضية وحقّق مجرّد اجتماعه نتائج إيجابيّة؟ في المقابل، كم كانت النتائج سلبيّة؟ المسألة ليست في الاجتماع بحدّ ذاته، بل في أن يتمّ وفق الدستور، والأصول، والقوانين المرعيّة الإجراء. وإلّا فإنّ هذه الاجتماعات، بدل أن تُنقذ، تُفاقم الأزمات". وقال: "الأمر يشبه سيارة تسير في الاتّجاه الخاطئ: من الأفضل إيقافها بدل الاستمرار، لأنّ الاستمرار سيقود حتمًا إلى الهاوية. أمّا التوقّف، فقد يجنّب السقوط. لذلك، فإنّ الادّعاء بأنّنا لا نريد تعطيل عمل المجلس أو شؤون الناس هو ادّعاء غير دقيق. نحن أكثر من يدافع عن حقوق الناس ومصالحهم، ولهذا منحونا ثقتهم، وسيمنحوننا المزيد. لكن الحقوق لا تُحصَّل بالنظرة الجزئيّة الضيّقة، بل برؤية شاملة تُدرك أنّ مجلسًا يُدار بشكل خاطئ لا يمكن أن ينتج قرارات صحيحة. فكلّ مسار خاطئ يؤدّي، حتمًا، إلى نتائج خاطئة".
وتابع: "سأكتفي بإعطاء مثالين فقط، لأنني مجددًا لا أريد أن أُرهقكم ولا أن أُرهق الرأي العام بقصّة "القوّات وبري وبري والقوّات"، بعدما كانت قبل ذلك “القوّات والعونيّة والعونيّة والقوّات”. والحقيقة أنّ القضيّة لم تكن يومًا على هذا النحو، فهذا توصيف غير دقيق. ففي السابق كان الأخذ والردّ قائمًا لأنّ هناك مواضيع حقيقيّة للنقاش والبحث. أمّا اليوم، فلم يعد هناك مواضيع للبحث، على الأقل حتى إشعار آخر. اليوم، مع الرئيس نبيه بري، نعم، هناك موضوع واحد للبحث، وهو طريقة إدارة المجلس النيابي. فالمسألة ليست متعلّقة بالرئيس بري كشخص، بل تتعلّق حصريًا بطريقة إدارة المجلس النيابي. سأعرض مثالين عمّا نعيشه اليوم. الجميع يصرّح بأنّه يريد هذه الانتخابات. لكن لا تستمعوا إلى ما يُقال، بل انظروا إلى ما يُفعل. من خلال الأفعال يمكننا أن نتحقّق فعليًا من يريد الانتخابات النيابيّة ومن لا يريدها".
واستطرد: "الحكومة، انطلاقًا من دورها في الإشراف على تحضير الانتخابات النيابيّة، اتّخذت حتى اليوم جميع الإجراءات التي يفترض أن تُتّخذ في هذا السياق. وبعدما أخطرت المجلس النيابي بأنّ قانون الانتخابات، بصيغته الحاليّة، يتضمّن مادتين أو ثلاث مواد يستحيل تطبيقها عمليًا، عادت وقدّمت مشروع قانون معجّل لتعديل هذه المواد. ولماذا مشروع معجّل؟ لأنّ المهل باتت تضيق وتقترب من نهايتها. أرسلت الحكومة مشروع القانون المعجّل إلى المجلس النيابي ليُطرح على الهيئة العامة، والهيئة العامة هي الجهة التي تبتّ فيه. أليست الهيئة العامة ممثّلة للشعب اللبناني؟ فمن يبتّ إذًا إذا كنّا مختلفين على نقطة في هذا البلد؟ كيف يمكن البتّ بالأمر إن لم يُطرح على التصويت؟".
وأشار إلى أن "المفارقة أنّ بعض نوّاب حزب الله خرجوا ليقولوا إنّ هناك أمورًا لا يجوز أن تُعرض على التصويت، بل يجب أن تُقرّ بالتوافق. في حين أنّ أكثر ما كان يجب أن يخضع للتوافق هو السياسة الاستراتيجيّة والسياسة الخارجيّة للدولة. متى طُرحت هذه السياسات يومًا على الشعب اللبناني؟ اليوم، تُظهر استطلاعات رأي متعدّدة، وخصوصًا تلك الصادرة عن وكالات أجنبيّة محترمة، أنّ ما لا يقلّ عن سبعين إلى خمسة وسبعين في المئة من اللبنانيين لا يريدون الاستمرار في الاحتفاظ بالسلاح. فكيف هنا لا يُشترط التوافق، أمّا إذا اختلفنا على بند داخل مجلس النواب، فجأة يصبح التوافق شرطًا؟ وكيف يتحقّق هذا التوافق؟ الطريق واضح: يُطرح الموضوع في الهيئة العامة، ويُصار إلى البتّ به وفق الأصول".
واضاف: "الحكومة أعدّت مشروع القانون وطلبت إدراج تعديلات محدّدة، ولا سيّما في ما يتعلّق بالبطاقة الممغنطة، وفي ما يتعلّق بالمشروع "الضخم" الذي قدّمه جبران باسيل، وهو مشروع غير مسبوق في تاريخ لبنان، يقضي بإنشاء دائرة انتخابيّة سادسة عشرة مخصّصة للمغتربين، مع تخصيص ستة مقاعد لهم، على أن ينتخبوا في الخارج بمعزل عن الداخل. وصل مشروع القانون إلى المجلس النيابي في السابع والعشرين من تشرين الثاني. وهنا، دعوني أعود إلى النظام الداخلي للمجلس النيابي. هذا النظام يجب أن يكون بحوزة كل صحافي، وأدعوكم إلى عدم تصديق أيّ شخص يفسّر المواد على هواه. كلّما جرى الحديث عن مادّة معيّنة، عودوا إلى النصّ وتحقّقوا بأنفسكم، لأنّ الغشّ في هذا البلد بات واسع الانتشار".
وأوضح أنه "عندما يُحال مشروع قانون معجّل من الحكومة، كيف يجب أن يتعامل معه المجلس النيابي؟ قبل الإجابة، أذكّر بما تنصّ عليه المادّة الخامسة من النظام الداخلي، التي تقول بوضوح إنّ رئيس المجلس يرعى في المجلس أحكام الدستور والقانون والنظام الداخلي. أي إنّ المطلوب من رئيس المجلس ليس رعاية اجتهاداته الشخصيّة، بل الالتزام الحرفي بأحكام الدستور والقانون والنظام الداخلي". وقال: "منذ بداية معركة قانون الانتخابات، أي منذ سبعة أو ثمانية أشهر، سمعنا رئيس المجلس يقول علنًا إنّه لن يسمح بتمرير هذا القانون. لكن المسألة ليست مسألة سماح أو منع. رئيس المجلس لا يملك هذا الحق. واجبه الوحيد هو تطبيق النظام الداخلي. بل إنّ رئيس المجلس هو أكثر شخص مُلزَم بتطبيقه. إذا خالف نائب، يمكن تسجيل المخالفة واتخاذ الإجراء المناسب. أمّا أن يخرق رئيس المجلس النظام الداخلي بشكل يومي، فهذا أمر غير مقبول. لا يمكن لرئيس المجلس أن يقرّر ما يمرّ وما لا يمرّ وفق مشيئته. ما يمرّ هو ما يفرضه النظام الداخلي، وما لا يمرّ هو ما يمنعه النظام الداخلي".
ولفت الى أن "صلاحيات رئيس المجلس ليست مطلقة، بل مقيّدة بالنظام الداخلي. ومع ذلك، نرى أنّ هذه الصلاحيّات تُمارَس منذ خمسة وثلاثين عامًا وكأنّها مطلقة، وهذا أمر خاطئ. فلا أحد في هذا البلد يتمتّع بصلاحيّات مطلقة". وقال: "نعود إلى النصوص. تنصّ المادّة 106 من النظام الداخلي على أنّ رئيس المجلس يُحيل المشروع المعجّل فور وروده على اللجان المختصّة. وهذا ما فعله الرئيس بري في هذه الحالة. لكنّ الصحيح، نظرًا لضيق المهل وإلحاح قانون الانتخابات، كان يقتضي إحالة المشروع مباشرة إلى الهيئة العامة. ومع ذلك، تتابع المادّة نفسها وتفرض على اللجان أن تدرس المشروع وتضع تقريرها خلال مهلة أقصاها خمسة عشر يومًا".
وتابع: "المشروع وصل في السابع والعشرين من تشرين الثاني، ما يعني أنّ مهلة الخمسة عشر يومًا انتهت في الثاني عشر من كانون الأوّل. وتؤكّد المادّة 38 من النظام الداخلي هذا الأمر بوضوح أكبر، إذ تنصّ على أنّ المشاريع المستعجلة يجب إنهاء درسها خلال أسبوعين، وفي نهاية هذه المدّة يُطرح المشروع على الهيئة العامة سواء أنهت اللجان درسه أم لم تنهه. انتهت المهلة في الثاني عشر من كانون الأوّل، فيما عُقدت الجلسة النيابيّة في السابع عشر من كانون الأوّل، أي بعد خمسة أيّام من انتهاء المهلة. فأين كان مشروع القانون؟ ولماذا لم يُدرج على جدول الأعمال؟".
وقال: "في المقابل، هناك اقتراح قانون آخر بالمعنى نفسه، ولو جزئيًا، مقدَّم منذ سبعة أشهر، في التاسع من أيّار، وهو اقتراح معجّل مكرّر. ومع ذلك، لم يُدرجه الرئيس بري على جدول الأعمال، رغم طابعه المستعجل وارتباطه المباشر بالانتخابات. وهنا نصل إلى جوهر المشكلة: طريقة إدارة المجلس النيابي. بعد الجلسة الأخيرة التي أُقرّت فيها ثمانية بنود، أعلن الرئيس بري أنّ هذه البنود معلّقة لأنّ محضر الجلسة لم يُقفل. لكنّ المادّة 60 من النظام الداخلي تنصّ صراحة على آليّة بديلة لتصديق المحاضر في حال تعذّر انعقاد المجلس، وهو ما لم يُطبّق. يقوم الرئيس بري بالانتقاء من النظام الداخلي بحسب ما يناسبه، ويُهمل المواد التي لا تخدم هذا التوجّه. وهنا أطرح السؤال بصراحة: هل نحن وحدنا المعنيّون بحسن سير العمل في المجلس النيابي؟ هذه المؤسّسة الدستوريّة الأولى في لبنان تُدار وكأنّها مزرعة".
وأكّد أننا "لا نقاطع التشريع، بل الذي يعطّل التشريع فعليًا هو من يتلاعب بالنظام الداخلي. الجميع يشتكي في الغرف المغلقة، لكن عندما يحين وقت الموقف، يتراجعون خوفًا من الحسابات الطائفيّة والسياسيّة. نحن نقول لا. نعترض ونطالب بتصحيح الخلل. ونؤمن أنّ رئيس المجلس، إذا واجه موقفًا واضحًا من أكثريّة النوّاب، سيكون مضطرًا إلى احترام النظام الداخلي وتطبيقه كما يجب". وقال: "هذه هي مقاربتنا للجلسة الأخيرة. الأعذار التي سُمعت ليست سوى تفاصيل صغيرة أمام أزمة كبيرة اسمها الإدارة الخاطئة للمجلس النيابي، وهي أزمة يشكو منها الجميع منذ عشرين عامًا، من دون أن يحرّك أحد ساكنًا. أمّا نحن، فنقول بوضوح: سنحرّك إصبعنا الصغير، والكبير، وكل ما يلزم، من أجل تصحيح هذا الخلل".
وخاطب جعجع رئيس الحكومة نواف سلام بالقول: "أتوجّه بكلمة مقتضبة إلى دولة رئيس الحكومة، لأنّ ثمة أمرًا لم أستوعبه. أنتم تعلمون أنّ دولة الرئيس صديق شخصي، وأنّني أكنّ له، بصدق، كلّ محبّة واحترام، تقديرًا لثقافته وتاريخه ولكلّ ما يقوم به. غير أنّ ما لم أفهمه هو الآتي: دولة الرئيس، وانطلاقًا من مسؤوليته عن تحضير الانتخابات النيابيّة، أرسل إلى المجلس النيابي مشروع قانون بصيغة معجّلة، يطالب فيه بتعديل بعض المواد كي تصبح الحكومة قادرة على الإعداد للانتخابات وفق المتطلبات العمليّة، أليس كذلك؟ حسنًا. دولة الرئيس يعرف، بوصفه رئيسًا لمجلس الوزراء، أنّ مشروع القانون المعجّل له مسار محدّد، وأنّ سقف المهلة، كحدّ أقصى، هو خمسة عشر يومًا قبل أن يُطرح على الهيئة العامة. وقد انقضت المهلة. السؤال البديهي: لماذا لم يبادر دولة الرئيس نوّاف سلام إلى مخاطبة دولة الرئيس بري بالوضوح اللازم، قائلًا: يا أخي، أنت تعطل عملنا. هذه التعديلات ضروريّة. إِطرحْها على الهيئة العامة، ولتُحسم بالتصويت، سلبًا أو إيجابًا، وفق الأصول. نحن بحاجة إليها ولا نستطيع التصرّف من دونها. أم أنّ مجرّد إرسال المشروع إلى المجلس يُعدّ، في نظر البعض، القيام بالواجب واكتمال المسؤولية؟".
وتابع: "لا، نحن جميعًا شركاء في المسؤولية عمّا يجري داخل المؤسّسات الدستوريّة. لا يمكن أن يستقيم عمل مؤسّسة دستوريّة إذا كانت مؤسّسات أخرى تُدار على نحو معوجّ، لأنّ هذه المؤسّسات مترابطة، يؤثّر بعضها على بعض. ولذلك يظلّ السؤال قائمًا: ألم يذهب دولة الرئيس سلام ليقول لدولة الرئيس بري: أنا لا أقبل بهذا المسار؟ لقد أرسل مجلس الوزراء مشروعًا معجّلًا يتعلّق ببنود انتخابيّة لا يمكن إجراء الانتخابات من دون البتّ بها. ألم يتحدّث معه؟ ألم يواجهه بهذه الحقيقة؟ ثمّ، بعد ذلك، نزل مجلس الوزراء إلى الجلسة وكأنّ شيئًا لم يكن. صراحة، لا أفهم ما الذي يجري، وأخشى أن تكون تلوح مجددًا ملامح تجارب غير مأسوف على شبابها. وأتمنّى أن تكون قراءتي في غير محلّها".
وتوجّه بكلمة إلى المغتربين، قائلاً: "تُرتكب بحقّكم جرائم كثيرة. وأطلب منكم أمرًا واحدًا: لا تصدّقوا الكلام. احكموا على ما يجري على الأرض، وعلى الأفعال لا الأقوال. فالجميع يكرّر العبارة ذاتها: "نحن مع حقّ المغتربين". حسنًا، من كان مع حقّكم حقًّا، فليُثبت ذلك بخطوة عمليّة واحدة"، واعتبر أن "الواقع واضح: رئيس المجلس لا يريد أن يصوّت المغتربون من بلدان إقامتهم. ويخرج بعض نوّاب حزب الله ليضيفوا تبريرًا آخر، قائلين إنّ أكثر دول العالم تصنّف حزب الله على لوائح الإرهاب، فكيف نقبل باقتراع المغتربين حيث هم في بلدانهم؟ ثمّ يقولون: "نحن مع القانون النافذ". لكن إذا كنتم مع القانون النافذ فعلًا، فالقانون النافذ ينصّ صراحة على ستة مقاعد للمغتربين في الخارج، وعلى ترشّح اللبنانيين في الخارج، وعلى اقتراعهم في الخارج. فإذا كان هذا هو القانون النافذ، فكيف تكونون معه، وفي الوقت نفسه تُقصون المغتربين عمليًا عن الاقتراع حيث يقيمون؟ وكيف يكون ذلك “حقًّا للمغتربين” بينما النتيجة الفعليّة هي تعطيل مشاركتهم؟".
واضاف: "أيّها المغتربون، لا تخدعكم الشعارات. راقبوا ماذا يفعل كلّ فريق، بدقّة. ونحن، من جهتنا، سنكمل مساعينا حتى آخر لحظة لكي تنتخبوا من أماكن إقامتكم، رغم التعطيل كله، ورغم ما يجري من تواطؤات لحرمانكم من المشاركة. لكن، إذا وصلنا إلى أسوأ الاحتمالات ولم ننجح، وكردّ عملي على كلّ محاولات إقصائكم: عندما تُجرى الانتخابات، مهما كلّفكم الأمر، ولو اضطررتم لتعطيل يوم أو يومين أو أكثر من أعمالكم، وتحمّل كلفة السفر، يجب أن تأتوا إلى لبنان. سواء كنتم قد تسجّلتم أم لم تتسجّلوا، ما دمتم على لوائح الشطب، فحقّكم في الاقتراع قائم، ومن واجبكم أن تمارسوه".
وتمنى على المغتربين أن يتجمّعوا "بأعداد كبيرة، لنُثبت لبعض "العقلاء" في لبنان أنّ لا أحد قادر على منعكم من التأثير في السياسة الداخليّة، وأنّ مشاركتكم ليست تفصيلًا يمكن شطبه بقرار أو بمناورة".
وفي ختام المؤتمر الصحافي فتح جعجع باب الأسئلة للإعلاميين الحاضرين.
يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره