الراعي : انتشار الجيش على كامل أرض الجنوب واجب وطني
251 Views
|
07:31
| 28-09-2025
|
أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال ترؤسه قداس الأحد في كنيسة مار جرجس في بلدة القليعة في قضاء مرجعيون، أن "بقاء الجنوب قويًا ومحصنًا هو الضمانة الحقيقية لبقاء لبنان"، مشددًا على أن "انتشار الجيش اللبناني على كامل أرض الجنوب ليس فقط مطلبًا، بل هو حق سيادي وواجب وطني لا يمكن التنازل عنه".
جاءت مواقف الراعي في ختام جولته الراعوية التضامنية التي شملت عددًا من بلدات الجنوب، منها الجرمق، العيشية، إبل السقي، كوكبا، جديدة مرجعيون، على أن يستكمل لاحقًا زيارته إلى النبطية، الكفور، كفروة، الحجة والعدوسية.
وقال الراعي: "يسعدني أن أكون بينكم اليوم في القليعة الصامدة، وأحيي جميع الأهالي الذين صمدوا في وجه الاعتداءات والحروب، وتمسكوا بأرضهم وهويتهم، وأثبتوا أن الجنوب ليس ساحة صراع، بل هو أرض خصبة بالعيش المشترك، ومليئة بالوطنية والكرامة والحرية. الأرض التي عانت من الحروب تستحق السلام، وأهلها يستحقون الأمان والعدالة، ونحن نقف اليوم تضامنًا معهم، حاملين صوتهم إلى كل من يعنيهم أمر الوطن".
أضاف: "نحيّي إخواننا من الطائفة الشيعيّة الكريمة، أبناء هذه الأرض المباركة، شركاءنا في المصير والوطن الذين بوجودهم وصمودهم يشكّلون مع إخوانهم المسيحيّين والسّنّة والدّروز شهادة حيّة للتّعايش والكرامة في جنوبي لبنان. ويكتبون تاريخاً واحداً من العيش معاً والصّمود".
وتابع: "لا يمكن أن نكون اليوم في القليعة، وفي قلب الجنوب، من دون أن نتوقّف عند ما تحمّلته هذه الأرض وأبناؤها من خسائر بشريّة ومادية فادحة. هناك عائلات فقدت أعزّاءها، آباء رحلوا وأمّهات ترمّلن وأطفال تيتّموا. هناك بيوت هُدمت على رؤوس ساكنيها، حقول أُحرقت، أشجار اقتُلعت، ومزارع دُمّرت. هناك شباب أصيبوا بجراح جسديّة ومعنويّة ما زالت تلازمهم حتّى اليوم، فضلاً عمّن خسروا جنى عمرهم ومصدر رزقهم. لكن على الرّغم من كل هذه الخسائر، بقيتم واقفين، متمسّكين بأرضكم وبيوتكم ومؤسّساتكم ومدارسكم وكنائسكم، ودور العبادة. تشهدون أنّ هذه الأرض ليست للبيع، وليست للتّنازل. لقد دفعتم أثماناً غالية، نعم، لكنّكم أكّدتم بدموعكم وصمودكم أنَّ الجنوب حيّ، وأنَّ لبنان لن يموت. إنَّ دماء شهدائكم وصلواتكم، دموعكم وصبركم هي شهادة إيمان بأنَّ الرّب لا يترك شعبه، ويمنحهم القوّة لبناء ما تهدّم، والنّهوض من جديد".
وأشار الراعي إلى أن "لكلمة إنجيل اليوم "من يصبر إلى النّهاية يخلص" بعد وطني. فالوطن هو ثمرة صبر أبنائه وصمودهم. الجنوب هو المثال الأبرز. فأرضكم دفعت أثماناً غالية، لكنّها بقيت عصيّة على الانكسار. نحن نتأمّل السّلام القريب، سلاماً يترسّخ بانسحاب إسرائيل من الجنوب بالكامل ونهائياً، وبسط الدولة اللبنانيّة سيادتها الشّرعيّة على كامل أراضيها. وهنا، لا بدّ أن نؤكّد أنَّ الجيش اللبناني، بعنفوانه وهيبته، هو الضمانة والحصانة الوحيدة لأرضنا ولشعبنا، وهو المؤتمن على حماية حدودنا والدفاع عن كرامتنا. إنّ انتشار الجيش على كامل أرض الجنوب ليس فقط مطلباً، بل هو حق سيادي وواجب وطني".
وشدد على أن "الجنوب ليس مجرّد منطقة من لبنان، بل هو قلبه النابض. فما يعيشه الجنوب يعيشه كل لبنان. معاناة أهله من الحروب، وخسارتهم للأرواح والبيوت والأرزاق، ونزيف الهجرة، كلّها تعكس أزمة وطن بأسره. لذلك، فإنّ صمود الجنوبيين هو صمود لبنان كلّه، وتضحياتهم هي تضحيات باسم الأمّة اللبنانيّة كلّها"، وقال: "لقد حان الوقت أن تتحوّل تضحياتكم إلى ثمار وطنية سياسيّة واقتصاديّةوإنمائيّة. فلبنان لا يمكن أن يُبنى من دون إنصاف الجنوب وأهله، ومن دون أن يُعطى لأبنائه ما يحفظ بقاءهم في أرضهم، بعيداً من خطر الهجرة أو بيع الأملاك. فلا أوطان من دون أرض، ولا أرض من دون أهلها".
أضاف: "إن بقاء الجنوب قوياً ومحصّناً هو ضمانة لبقاء لبنان. وإنّ تعزيز صمود أهله هو واجب وطني وأخلاقي. فإنّ مسؤوليتنا جميعاً، مواطنين ومسؤولين وسياسيّين ومؤسّسات، أن نتكاتف من أجل إعادة بناء لبنان على أسس متينة: سيادة لا مساومة عليها، دولة قانون قويّة، اقتصاد منتج يثبّت الناس في أرضهم ويؤمّن لهم هناء العيش وتربية روحيّة ووطنيّة تُخرّج أجيالًا جديدة تحب لبنان وتخدمه بصدق. لذلك يُطلب اليوم من أبناء الجنوب العزيز أن يكونوا أبطال سلام يضحّوا من أجله بمقدار ما ضحّوا خلال الحرب دفاعاً عن كرامتهم وأرضهم الغالية على قلب كل لبناني".
وختم الراعي: "نرفع صلاتنا، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء، كي يمنح الله لبنان انطلاقاً من أرض جنوبه المقدسة سلاماً قريباً ودائماً، سلاماً نابعاً من العدالة والسّيادة والكرامة. نصلّي من أجل أن يُشفى جرح الناس والأرض، وأن تُبنى بيوتكم من جديد، وأن تزهر حقولكم وتعود خيراتها. نطلب من الله أن يبارك أبناء هذه الأرض، فيعيشوا دائماً في وئام ووحدة، ويكونوا مثالاً لجميع اللبنانيّين على أنّ المصير واحد، والرجاء واحد، والوطن واحد، والكرامة واحدة، والأمن واحد".
وكان صباح اليوم، وفي زيارة هي الثانية لجنوب لبنان، وصل البطريرك الراعي إلى أبرشية صور المارونية.
يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره