الطعن بقانون تسوية أوضاع مفتشي الأمن العام... ألا يعرف النواب حدود صلاحياتهم التشريعية؟
Annahar
703 Views 12:40   |  03-06-2025

قبل أسابيع، أقر مجلس النواب قانون إعطاء المفتشين في المديرية العامة للأمن العام الحق في تقديم استقالاتهم والإحالة على التقاعد بعد ترقيتهم إلى رتبة ملازم، مهما تكن مدة خدمتهم.
جاء القانون على شكل اقتراح معجل مكرر وقعه عشرة نواب من مختلف الكتل، وبعد نشره في الجريدة الرسمية، اتجه رئيس الجمهورية جوزف عون إلى الطعن به أمام المجلس الدستوري.
فما أسباب الطعن؟

من المعلوم أن القانون، قبل إقراره، استلزم الكثير من الدرس، وكانت له مبررات إنسانية وموجبات اجتماعية، لأن تداعياته تعود إلى عام 2007، بعدما لحقت بعدد من المفتشين أوضاع اجتماعية صعبة، ارتبطت بالظروف المعيشية المتدهورة التي دفعت ثمنها طبقات اجتماعية، ولا سيما أفراد المؤسسات الأمنية. فأتى القانون "لينصف" هؤلاء إنسانيا واجتماعيا، ولا سيما بعدما غادر عدد منهم إلى الخارج نتيجة الضائقة الاقتصادية.

اللافت كان أن طعن رئيس الجمهورية علّل بأن هذه الترقيات ليست من صلاحية مجلس النواب، وكأن السلطة الاشتراعية تخطت مهماتها في إقرار القانون الأخير. وهنا، تبرز الأسئلة:
أولا، ألا يعرف النواب، ومن ثم مجلس النواب ككل ما صلاحياته التشريعية، وأين تقف حدودها، لئلا يضرب مبدأ فصل السلطات؟

ثانيا، اقتراح القانون جاء موقعا من عشرة نواب، لا من نائب واحد، فلمَ تجاوز هؤلاء البعد التشريعي لهم، حتى بات القانون مجالا مفتوحا أمام الطعن؟ يهللون أمام المفتشين أنهم أعطوهم حقوقهم، ومن ثم تؤخذ منهم. ألم يكن هناك وسيلة تقريرية أخرى لنيل هؤلاء حقوقهم؟ 
ثالثا، والأهم، أليس هناك من بعد إنساني للقانون يمكن أخذه في الاعتبار، إلى جانب المبررات القانونية - الدستورية؟  

بين الإنساني والقانوني
هل من الطبيعي ألا يعرف النواب واجباتهم، أي ما عليهم تشريعه وما لا يجوز لهم؟
يجيب الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين "النهار" مؤكدا أن "الرقابة على دستورية القوانين من خلال المحاكم والمجالس المختصة نشأت بغرض وضع حد لهذه الظاهرة القائمة والمنتشرة لا في لبنان فحسب، إنما في دول العالم، لأنه تبّين أن ثمة ميلا من السلطات إلى الجنوح وتخطي صلاحياتها، فهكذا يجنح أحيانا مجلس النواب كما يجنح مجلس الوزراء أحيانا أخرى. لذلك، المجلس الدستوري الذي يبت دستورية  القوانين، استنادا أولا إلى مبدأ فصل السلطات، لأن هذه القاعدة أساسية في دستورية أي عمل قانوني، فيعمل على وضع حد لـ"سطو" سلطة على أخرى".

 كيف يعوّض هؤلاء اليوم؟ وهل من استثناءات؟
يوضح أن "الحل كان بأن تصدر مراسيم ترقيات أو تشكيلات لهؤلاء إذا كانوا مستحقين، عن مجلس الوزراء. أما إذا كانت ثمة حاجة إلى تعديل بعض الشروط، فيرسل التعديل حصرا إلى مجلس النواب لإقراره، ثم تعود الترقيات والتشكيلات حصرا إلى مجلس الوزراء، على شكل مراسيم".

ماذا عن الجانب الدستوري؟ وأين تجاوز مجلس النواب مهماته كي يصبح القانون مطعونا به؟

يشرح يمين أن "رئيس الجمهورية مارس صلاحياته وفق المادة 19 من الدستور، وقدم طعنا بالقانون، فهو المؤتمن الأول على الدستور".

ويفصّل: "انطلاقا من صفة العمومية والتجرد، القانون لا يخاطب أشخاصا أو  يتداول أسبابا بذاتها، لا بالتعيين ولا بالترقيات في الوظيفة العامة. إن أمر التعيين أو الترقية أو التشكيلات من صلب الإدارة أو السلطة الإدارية المختصة، أي مجلس الوزراء أو الوزير أو الإدارة المعنية. ويترك لمجلس الوزراء اختصاص مخاطبة الأشخاص واستهدافهم بالذات، أي الحالات الخاصة، فيكون أي قانون يتناول حالات خاصة، تعيينا أو تشكيلا أو ترقية، مناقضا لقانون فصل السلطات ولصفة العمومية والتجرد. استنادا إلى مبدأ فصل السلطات وبناء على المادة 16 من الدستور التي تحدد السلطة المشترعة بمجلس النواب، والسلطة الإجرائية بمجلس الوزراء وفق المادة 17 من الدستور، فإن القانون لا يجوز أن يستهدف أشخاصا أو حالات خاصة لكونه يتمتع بصفة العمومية والتجرد".

ويتدارك: " خلل هذه الصفة يؤدي إلى إفساد القانون، لا سيما أن المجلس الدستوري ينظر إلى ما يسمى الكتلة الدستورية، أي مقدمة الدستور ومبادئها، وعليه عندما يتعارض القانون مع صفة العمومية والتجرد ومع مبدأ فصل السلطات يكون مشوبا بعيب البطلان".

 

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره
 
EkherElAkhbar©2025 App by Softimpact