بعدما اتضحت للرئيس الفرنسي المخاطر التي ستنتج عن
سقوط مبادرته، والتي سيكون أقلها دخول لبنان مراحل شديدة
التأزم على الأصعدة السياسية والاقتصادية والمالية
والأمنية، وفتح الباب أمام حكومة لون واحد تزيد التأزم
وتستدرج خيارات إقليمية ودولية منافسة، وربما يتوّج كل
التأزم بتصعيد لا تبقى الحدود اللبنانية الجنوبية بعيدة
عنه، في ظل مخاطر حرب إقليمية سعى الرئيس امانويل
ماكرون لتفاديها من ضمن مسعاه لتحييد ملفات الخلاف
السياسية ومنها قضايا النظام السياسي وسلاح المقاومة، عن
ملف تشكيل حكومة مهمّة تتولى معالجة الملف المالي برعاية
فرنسية ودعم دولي، فوجد مَن أعاد زرعها في قلب
مبادرته وحوّلها الى عنوان لها.
رتب الرئيس ماكرون
فريقه المصغر، وفتح قنوات الاتصال بواشنطن والرياض، حيث
هناك من يشبه ثنائية التصعيد والتهدئة في الخلية
الفرنسية، فنجح بالحصول على ضوء أصفر فرنسي يتيح له
الإقلاع مجدداً بقطار المبادرة، مستنداً الى أنه لم
يبادر أصلاً من دون الحصول على مباركة أميركية وسعودية،
ووصلت الأصداء للرئيس السابق للحكومة سعد الحريري مشفوعة
بتمنيات فرنسية بالإقدام على مبادرة إيجابية، تلقفها
الرئيس الحريري منفرداً بعدما فشلت محاولاته في إقناع
شركائه في نادي رؤساء الحكومة السابقين بمجاراته ومشاركته
في المبادرة.
وفشل الرئيس السابق فؤاد السنيورة في
تحريض المجلس الشرعي الإسلامي ودار الفتوى على الحريري،
فأصدر الحريري موقفاً أعلن فيه موافقته على تسمية وزير
شيعي لحقيبة المالية، على أن يتولى الرئيس المكلف
بالمهمة، التنسيق والتعاون مع رئيس الجمهورية، من دون
تثبيت ذلك عرفاً أو حقاً مكتسباً، وبدت مبادرة الحريري
المدعومة فرنسياً، بداية اختراق نوعيّ كسر جليد الجمود،
حيث توقعت مصادر على صلة بالملف الحكومي، أن يتلقف
الثنائي مبادرة الحريري بإيجابية تساعده على النزول عن
الشجرة التي صعدها، بإلصاق المداورة بالمبادرة الفرنسية،
بهدف حشر الثنائي والاعتقاد بفرصة انتزاع تنازل منه
يصوّر كهزيمة أنتجتها العقوبات الأميركية. وقالت المصادر
إن الرئيس الفرنسي سيوفد مندوباً رفيعاً يرجّح أن يكون
مدير المخابرات الفرنسية برنار ايميه إلى بيروت لمواكبة
الاتصالات الحثيثة لتشكيل الحكومة عن قرب.
كما
توقعت أن يزور الرئيس المكلف مصطفى اديب بعبدا للبدء
بخطوات ملموسة بالتشاور مع رئيس الجمهورية حول حكومة
جديدة يرجّح أن تكون من ثمانية عشر وزيراً، يتشارك
أديب مع الرئيس ميشال عون في التداول بأسماء وزرائها
وحقائبهم، بمعونة فرنسية، وصولاً لولادة قريبة لا تتعدى
مهلتها نهاية الأسبوع للحكومة الجديدة.
|