سلامــة: البنك المركـزي قادر على السيطرة علــى الأسواق النقدية للسنتين المقبلتين

اقتصاد
13-12-2017 |  05:06 PM
سلامــة: البنك المركـزي قادر على السيطرة علــى الأسواق النقدية للسنتين المقبلتين
954 views
Source:
-
|
+
اعتبر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن "عودة رئيس الحكومة سعد الحريري عن استقالته وإعادة تفعيل الحكومة، يعززان ثقة المتعاملين مع الأسواق المالية، مقيمين وغير مقيمين". 

وقال في مقابلة مع "فرانس 24": الأسواق لا تحبّذ الوضع الغامض ورؤية ضبابية في بلد معيّن، وقد تلمّسنا ذلك عندما أعلن الرئيس الحريري استقالته. فالأسواق في ضوء العودة عن الاستقالة، ستكون أكثر هدوءاً، إن في أسواق القطع أو حتى في التداول بسندات الخزينة اللبنانية في الخارج. 

وعن الإجراءات الرئيسية التي اتخذها مصرف لبنان لاحتواء أزمة الاستقالة، قال سلامة: كان مصرف لبنان على أهبّة الاستعداد قبل حدوث تلك الأزمة، كما سبق أن كوّن احتياطات مرتفعة جراء تنفيذه هندسة مالية عام 2016 ، وعمليات مالية في صيف 2017. 

وتابع: بالطبع لم نكن نتوقع صدمة من هذا النوع، لكن عندما حصلت، كان لدى البنك المركزي الإمكانات اللازمة من احتياطاته المرتفعة بالدولار الأميركي، ومن خلال العمليات المالية التي قام بها حيث خففنا السيولة بالليرة اللبنانية الموجودة في السوق، الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع الفوائد على الليرة، إنما استطعنا في المقابل المحافظة على الاستقرار وعلى إمكانات مهمة للمستقبل.

وعما إذا كان ارتفاع الفائدة على الليرة سيستمر خلال الفترة المقبلة، ومدى تأثير ارتفاعها على الاقتصاد الحقيقي، قال: ارتفاع الفائدة يؤثر من دون شك على المناخ الاقتصادي للبلد، إنما هذا الارتفاع نتَج عن أزمة سياسية وليس بإرادة ذاتية من مصرف لبنان. إذ أن الأزمة السياسية رفعت من منسوب المخاطر في لبنان، لذلك مَن أراد الاحتفاظ بالليرة اللبنانية أصبح يطالب بفوائد أهم. 

وأضاف: قام البنك المركزي والحكومة اللبنانية ممثلة بوزارة المال، بإصدار 3 آلاف مليار ليرة بفائدة 1 في المئة، بمعنى أننا اكتتبنا بالإصدار الذي أطلقته الدولة، الأمر الذي سيُبقي معدل الفوائد على السندات الحكومية مستقراً. لذلك لن تتأثر بذلك شريحة كبيرة من المقترضين بالليرة اللبنانية لأهداف سكنية أو لديهم قروض مدعومة بالليرة اللبنانية لقطاعات الإنتاج، بل سيتأثر أصحاب القروض التجارية العادية، إذ سترتفع الفائدة على قروضهم، إنما في المقابل ستبقى لديهم إمكانية تحويل ديونهم من الليرة إلى الدولار من دون أي تداعيات على العملة الوطنية، إذ أن عمليات الاقتراض في لبنان بشكل عام هي في غالبيتها بالدولار الأميركي، وبالتالي الأسواق اللبنانية معتادة على هذا الأمر. 

وعن تأثير هذا الواقع على توقعات آفاق النمو للعام 2017 وربما على العام المقبل، أوضح سلامة أن "كون الأزمة حصلت في أواخر العام 2017، نؤكد أن نِسَب النمو ستكون في حدود 2،5 في المئة بحسب التوقعات السابقة، خصوصاً أننا على أبواب موسم الأعياد حيث الاقتصاد لا يهبط بدرجة كبيرة"، وأضاف: أما بالنسبة إلى العام 2018، فنحن نعلن التوقعات عادةً في شهر تموز، إنما سيتوقف الأمر على المناخ السياسي حيث يُرتقب إجراء الانتخابات النيابية في العام المقبل، وفي الوقت ذاته سيكون الموضوع مرتبطاً بالعمل الحكومي في ما خصّ موازنة العام 2018.

وعن المخاوف من انسحاب الودائع السعودية وربما الخليجية من لبنان وكذلك رؤوس الأموال، وعما إذا كان سيحدث ذلك في المستقبل، أكد سلامة أن "لبنان لم يشهد سحب ودائع من جانب غير المقيمين بشكل كبير، بل في حدود 500 إلى 600 مليون دولار فقط، لكن ليس بالضرورة أن يكون أصحاب تلك الودائع من الخليج"، وأضاف: منذ بداية الحرب السورية، كانت العلاقات التجارية وحتى المالية في تراجع ولم يعد هناك تعاطٍ كبير. كما أننا لم نتلقَ أي معلومات بوجود أي نية لديهم بإلحاق الضرر بلبنان. ونتمنى أن تبقى العلاقة جيدة بما يتعلق بالقطاع المصرفي والمالي، ونشدد على النأي بالقطاع عن الصراع السياسي القائم في المنطقة. 

وعن حجم رؤوس الأموال الخليجية في لبنان، وتحويلات اللبنانيين في الخليج، لمعرفة مدى ارتباط الاقتصاد اللبناني باقتصادات دول الخليج، قال: لا نستطيع تحديد ذلك، نظراً إلى وجود السرية المصرفية في لبنان، ولا أحد يستطيع ذلك. فالأرقام المتداولة غير مؤكدة. أما في ما يتعلق بمصرف لبنان فكان لدينا وديعة للمملكة العربية سعودية، لكننا سدّدناها. هناك علاقات دائمة مع دول الخليج الأخرى، ومع السعودية أيضاً، لكن لا شيء ثابتاً من جهة المملكة، كوديعة في مصرف لبنان، كما يتداول البعض. 

وتابع: وفي ما خصّ التحويلات من الخليج إلى لبنان، تقدِّر بحسب دراسات البنك الدولي، في حدود مليارين ونصف مليار إلى 3 مليارات دولار سنوياً، وتشكّل 40 في المئة تقريباً من مجموع التحويلات إلى لبنان، وهذه العملية مستمرة، ولا أعتقد أن هناك مصلحة لأي جهة اليوم، في خربطة التحويلات المالية بين الخليج ولبنان. 

وعما إذا كان تكرار الأزمات يخفف من صلابة قدرة مصرف لبنان على التدخل ومن قدرة لبنان على الصمود، علماً أن لدى لبنان احتياطياً كبيراً من النقد الأجنبي والذهب يسمح له بمواجهة كل الأزمات التي شهدها طوال السنوات الماضية، فقال سلامة: لبنان صامد ويصمد. إذا نظرنا تاريخياً، حصل اهتزاز نقدي في العام 2005 نتيجة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفي العام 2006 كان الاعتداء الإسرائيلي على لبنان وخلق صدمة كبيرة. كذلك شهد العام 2008 الأزمة المالية العالمية التي نجا منها لبنان واستقبل الأموال الهاربة. إذاً هناك قدرة في لبنان على الصمود. والمعطيات التي لدينا وفق الأرقام الموجودة حالياً، تؤكد أن "البنك المركزي" قادر على البقاء مسيطراً على الأسواق النقدية وبالتالي على استقرار الليرة للسنتين المقبلتين. 

وعما إذا كانت تصريحات الرئيس الحريري في تشرين الأول الفائت بأن من الضروري اعتماد الزيادات الضريبية لتفادي انهيار العملة، تعني أن العملة كانت مهددة إذا لم تُعتمد تلك الزيادات، أو كانت هناك مخاطر على العملة، قال حاكم "المركزي": نحن في كل أزمة نمرّ بها أو صراع، يُستخدم موضوع استقرار سعر صرف الليرة كأداة ضغط. وعندما أثير موضوع الموازنة العامة كانت أقرّت زيادات لرواتب في القطاع العام، وكان من الضرورة للاستقرار النقدي - حتى لو لم يكن مهدداً آنياً، إنما على المدى الطويل - أن تتأمّن المداخيل، لذلك كانت الضرائب. أعتقد أن مداخلة دولة الرئيس جاءت في هذا الإطار. 

وعن كيفية محافظة لبنان على التوازن بين المطالبة الدولية بالشفافية والسريّة المصرفية في الداخل، قال سلامة: إن قانون تبادل المعلومات الضريبية الذي أقرّ، رفع السرية المصرفية عن الحسابات التي يجب على لبنان أن يبلّغ عنها، وبالطبع من الناحية الضريبية هم مقيمون في الخارج ولديهم حسابات في لبنان، هذا الأمر نصّ عليه القانون، لذلك لا يشمل كل اللبنانيين. كما أن هناك حالة أخرى، في ما يتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، لا توجد سريّة مصرفية أيضاً على الحسابات المشتبه بها. من هنا، في الحالات المفصليّة الأساسية التي تقرر علاقة لبنان مع الخارج، لا توجد سريّة مصرفية في لبنان بحسب القانون. 

اقتصاد

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره