جنبلاط قبل وبعد الإستقالة: إياكم والفساد!

محلي
13-12-2017 |  09:00 AM
جنبلاط قبل وبعد الإستقالة: إياكم والفساد!
22004 views
الاتحاد اللبناني Source:
-
|
+
كتبت ملاك عقيل في جريدة الاتحاد

في الوقت الذي كان فيه الرئيس سعد الحريري يهدّد "ببقّ البحصة وتسمية الإشياء باسمائها" ردّا على من "طعنوه بالظهر"، وفيما العهد لا يزال منتشيا بتحقيقه إنتصارين الأول بإنقاذه الحريري من براثن المؤامرة الكبرى ضدّه، والثاني بموقف لبنان، غير المسبوق، على منبر الجامعة العربية حول القدس، كان النائب وليد جنبلاط يغرّد خارح السرب تماما. 
وسط مفاوضات العودة عن الاستقالة وتحرير بيان  النأي النفس رقم 2 الذي أعاد تثبيت الحريري شريكا في تركيبة السلطة، إرتأى جنبلاط على سبيل المزاح، كما قال، التوجّه الى ولي العهد محمد بن سلمان إثر مقابلته مع توماس فريدمان قائلا "إذا  قرّرت السلطات اللبنانبة إتباع خطواتكم فقد تحتاج الى ضعف مساحة الريتز كارلتون! 
لكن جنبلاط لم يكن يمزح تماما، فمعظم تغريداته التي سبقت وتلت عودة الحريري عن إستقالته شكّل التحذير من الفساد والصفقات قاسمها المشترك، في وقت كان التناغم يبلغ ذروته بين رئيس الحكومة العائد ووزير الخارجية جبران باسيل، على حساب الخصومة المشتركة التي تترسّخ أكثر فأكثر بين "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" تجاه "القوات اللبنانية". 
رئيس "اللقاء الديموقراطي" كان لاعبا أساسيا على خط "إستعادة سعد" ومؤيّدا لترميم التسوية و"نيو" بيان النأي بالنفس و"مفتيا" دائما بضرورة الحفاظ على الاستقرار لكن كل ذلك لم يمنعه طوال الفترة الماضية من التصويب على الأساس: إياكم والفساد!
يتلقف النائب جنبلاط تقرير هيومن رايتش ووتش بشأن المخاطر الصحية لحرق النفايات رافعا الصوت ضد هدر أموال البلديات في الجدران وغير الجدران، ثم يسلّط الضوء في اليوم نفسه الذي أعلن فيه الحريري العودة عن إستقالته  على مشاريع القوانين المحالة الى مجلس النواب حول النفط مؤكدا على أهميتها "مقابل جشع الشركات و الوسطاء"، وقائلا "لا لأي تلاعب في هذا القطاع، كفى لبنان سمعة عالمية سيئة ومتقدمة في الفساد، الأحرى بأن نطلّ ولو لمرة واحدة إطلالة جديدة بعيدة عن الشبهات  من أجل مستقبل الأجيال الصاعدة".
ثم يشير الى أن "رفض توسيع مرفأ بيروت نتيجة مزايدات طائفية وسياسية هو مؤامرة على الاقتصاد من جهات محلية وخارجية". 
حتى في يوم إعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل الذي تزامن مع ذكرى ميلاد كمال جنبلاط رأى "البيك" أن الجواب ليس يالتظاهرات بل التمسّك بالتسوية الداخلية ومعالجة الفساد للإستفادة من الدعم الدولي ومنع العملاء من تخريب المخيمات". 
وتحت عنوان "متفرّقات مرضية" لا يرى جنبلاط سبيلا لإنجاح مؤتمر باريس إلا من خلال الإصلاح ووقف الهدر والحدّ من العجز". وقبل أيام قليلة غرّد قائلا "إذا اجتاز لبنان العاصفة التي مرّت عليه  بفضل وحدة الموقف الداخلي والدعم الدولي  من الضروري الإستعداد للعواصف  القادمة في حال لم يعالج عجز المواونة  وتخفّض نفقات الدولة  ويعالج الفساد"، معتبرا "أن كل مؤتمرات العالم لن تنقع إلا في تأجيل الكارثة"، ومحذرا من الدخول في المشاريع الكبرى قبل الإصلاح". 
وأمس أقرّ جنبلاط أنه في ملف الكهرباء ما زلنا في دهاليز البواخر التركية وما يشاع من تكاليف جانبية. ووردني بأن الصندوق الكويتي للتنمية مساعد ان يموّل معامل بطاقة جديدة وهذا عرض جديد قديم رفض آنذاك لأسباب  محلية مجهولة. أنصح أن يدرس الأمر جديا والكويت ضمانة وكفانا لغطا حول البارجات العثمانية". 
يبدو وليد جنبلاط مهجوسا فعلا بـ "المشاريع الكبرى" التي قد تأتي على حساب المطالبة بإصلاحات باتت "تراند" في خطابات بيك المختارة. 
ويقدّم إجتماع اللجان النيابية المشتركة الفاشل، وهو الثاني في غضون أسبوع، حول مشاريع النفط  نموذجا مقلقا لجنبلاط بشأن إنطلاقة هذا الملف بالتزامن مع تحذيرات مسبقة أطلقها بعدم التلاعب وضرروة الأخذ بتوصيات خبراء النفط.  وتشمل إقتراحات القوانين إنشاء الصندوق السيادي، إنشاء مديرية عامة للأصول البترولية، الموارد البترولية وشركة البترول الوطنية.
لكن جنبلاط لا يبدو في وارد توجيه الاتهامات السياسية الى أحد أو تسمية الأشياء بإسمائها خصوصا لناحية "لوبي" المحاصصات المحتملة في "صفقة القرن" أي النفط والغاز، مع أنه لا يزال يضع ملف البواخر التركية على سبيل المثال في إطار الشبهات والرصد الدائم من قبله، مع كل ما يعنيه ذلك من تلميح غير مباشر لوقوف "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" بحماسة خلف هذا المشروع. "البيك" يفضّل إطلاق التحذيرات بشكل عام مع توجّه لفصل الملفات الاقتصادية عن التجاذبات السياسية. 
وتشير أوساط الحزب "الاشتراكي"  في هذا السياق "أن المنطلق ليس الخوف من أي تواطؤ أو مؤامرات قد تحيكها جهات سياسية، بل المطالبة بالتطبيق الكامل للقوانين في كل المناقصات والمشاريع التي يتمّ تلزيمها، فعندما رأينا في السابق إنحرافا عن المسار أعلنا عن رأينا بكل صراحة داخل وخارج مجلس الوزراء، وسنكرّر هذا الأمر حين نرى ضرورة لذلك، فحرصنا على التسوية والاستقرار لا يلغي توجيهنا الملاحظات حول إدارة الحكم". 
وتلفت الى أن إدارة المناقصات قدّمت نموذجا شفافا في إدارة الملفات والتلزيمات، ولا بد ان يتمّ إعادة التأكيد على دور إدارة المناقصات لكي تستعيد موقعها". 
والمعطى الثاني، برأي الأوساط، وتفاديا للأخطاء السابقة حيث أقيمت المؤتمرات الدولية للبنان من دون أن تواكب بإصلاحات داخلية، يجب العمل كي لا تتبخّر مفاعيل أي مؤتمرات مقبلة عبر البدء بورشة إصلاحات جوهرية على مستوى الداخل وإلا سنبقى ندور في الحلقة المفرغة، فاليوم بالكاد القوى السياسية تتحدّث عن الدين العام وعجز الخزينة والشروع بإصلاحات أساسية".  
وقد كان لافتا تضمين البيان الصادر عن اللقاء الذي عقدته  قيادتا "حزب الله" و"التقدمي الاشتراكي" في الضاحية، والذي تطرّق بشكل أساسي الى مخاطر القرار الاميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الاميركية إليها إضافة الى أزمة الاستقالة، فقرة تشير الى "ضرورة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، والهيئات الرقابية وإعطائها دورها الكامل ومكافحة الفساد، حفاظا على المال العام وتداركا للمخاطر الاقتصادية". 
 وفيما أشار البيان الى"ان المجتمعين أبدوا إرتياحهم الى العلاقة بين الحزبين والتعاون القائم بينهما لما فيه مصلحة لبنان"، فإن مطلعين يشيرون الى أن "الاشتراكي" والحزب يملكان المقاربة نفسها بشأن التوجّس الدائم من مشاريع مشبوهة قد تؤدي الى المزيد من هدر المال العام،  لكن "حزب الله" يعتمد مقاربة مختلفة في السياسة فيما جنبلاط يملك حرية أكبر في التعبير، وهو واقع يتقاطع مع نظرة "القوات" و"الكتائب" و"حركة أمل" الى أداء الحكومة الحالية في بعض الملفات. 
لكن أوساط "الاشتراكي" تقرّ بأن كل طرف سياسي يعبّر عن رأيه الخاص، ولسنا أمام سياسة محاورن لكن إذا كان هذا التقاطع قائما فعلا فليكن..."

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره