معراب والضاحية: ما في نوى!

محلي
08-12-2017 |  10:13 AM
معراب والضاحية: ما في نوى!
19098 views
الاتحاد اللبناني Source:
-
|
+
ملاك عقيل

مرّة واحدة فقط بلغت التكهنات بشأن مآل العلاقة بين معراب والضاحية ذروتها يوم قرّر السيد حسن نصرالله في كانون الاول من العام المنصرم ذكر "القوات اللبنانية" بالإسم عبر الإشارة الى "أنها قوة سياسية وأساسية في البلد لها تمثيلها وناسها وقواعدها". كان ميشال عون قد انتخب رئيسا للجمهورية بدفع من مصالحة قواتية- عونية وتقارب مسيحي "باركته" الضاحية وأّيّدته. 
قبل وبعد ذلك، لم يطرأ على العلاقة الثنائية ما يغيّر من كلاسيكيتها. سمير جعجع كان ولا يزال يمنّي النفس بتقارب يعمل من أجله بصمت وتأن كمنّ يحيك سجادة ايرانية. "حزب الله"، بنوابه ووزرائه، يتفاعل مع "الحالة القواتية" في السلطة بالحدّ المطلوب والمسموح من دون إشتباك مباشر. 
 كادت الأمور فعلا أن تصل الى حالة تصالحية، أقلّه بالشكل، تجعل من الفريقين أقرب الى بعضهما البعض في ظل إستياء حزبلاوي من بعض ممارسات وزراء "التيار الوطني الحر" في الحكومة الحالية، وعلامات إستفهام حول أداء الوزير جبران باسيل وإجتهاداته و"مشاريعه" غير المرئية، في مقابل ثناء على "بروفيل" وإنناجية وزراء "القوات". كادت المصيبة فعلا تجمع الى أن ساهمت مصيبة أخرى أكبر بكثير، عنوانها إستقالة الحريري، في إعادة عقارب العلاقة الى حيث يجب أن تكون. حزب الله مغرّد دائم لشعار: "ما في نوى" مع "القوات". ومعراب رغم سعيها الدائم لمدّ جسور التواصل مع الضاحية لا تترك فرصة للإنقضاض على "حزب الله" وسلاحه.  
 تجربة التعاون تحت سقف حكومة سعد االحريري الثانية ساهمت بالتأكيد بكسر المزيد من الجدران بين الحزبين لكن ليس الى حدّ الحديث عن "تفاهم" سبق لجعجع ان لمّح الى رغبته بحصوله بعد خروجه من لقاء مع رئيس الجمهورية في كانون الاول الماضي.  
ما لا يعلمه كثيرون أن أولى محاولات كسر الجليد بين معراب والضاحية، وإن تحت ستار غير رسمي، تعود الى العام 2014. وسطاء مقرّبون من الطرفين دخلوا على الخط الى ان حصل أول لقاء ثنائي في حزيران 2015 بين مسؤولين في "حزب الله" وممثل عن "القوات" هو اليوم وزير في الحكومة الحالية. 
الطبق الرئيس للقاء كان ملف اختطاف الدبلوماسيين الايرانيين الأربعة. "القوات" التي أحالت سابقا السلطات الايرانية الى التحقيقات التي أجرتها الدولة اللبنانية والوقائع التي تمتلكها السلطات الألمانية بشأن القضية، سمعت جوابا صريحا من الحاضرين أن العقدة هي عند طهران وليس "حزب الله". 
زبدة اللقاء الاول مهّدت للقاء ثان حصل في 19 تشرين الثاني 2015 شارك فيه هذه المرة دبلوماسيون إيرانيون إضافة الى الوزير القواتي نفسه وشخصيتين سياسيتين بارزتين. 
في تلك الجلسة تشعّب الحديث ليطال  تبنّي ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية فيما الضيف القواتي كان حاسما بالاعلان عن رغبة معراب بـ "التخلّص" من هذا الترشيح. 
لاحقا، لم يمنع هذا اللقاء القواتيين من التصويب  الدائم على "حزب الله"، بعد إعلان جعجع ترشيح عون من معراب، من زاوية "عدم مصداقية السيد حسن نصرالله في تبنّي ترشيح "الجنرال" وإلا لكان ضغط على فرنجية للانسحاب"!!
في الأشهر الأولى للحكومة لحَق جعجع الحريري في تبنّي نظرية فصل المسارات بين المسائل الخلافية مع "حزب الله" بشأن سلاحه والقتال في سوريا و"الجرود" عن مسار الملفات الداخلية. سريعا أعجِب "الحكيم"  بالتجربة، متمنّيا "حصادا" سريعا. 
لكن "المحصول" أتى بعد أقل من عام على شكل إستقالة صادمة، كادت تسجّل إجماعا لبنانيا ودوليا على أنها حصلت بالقوة والفرض. لكن جعجع وحده، مع ثلة من "المقامرين"، أصرّوا على العكس. 
إنقلب على حكومة الـ "بلا كرامة" محاولا اصطياد عصفورين بحجر واحد: الحريري و"حزب الله". لكن رياح الإستقالة سرت عكس ما يشتهي "الحكيم". وها هو يبصم على قرار من مجلس الوزراء "ينفض الغبار"  فقط عن البيان الوزاري لحكومة ربط النزاع!
ضياع جعجع الصيف الفائت بشأن مسألة قتال "حزب الله" في الجرود ودوره الحاسم في عرسال والقاع لم يحجبا حقيقة موقف معراب "المُناوِر".  جعجع، بخلاف المعتاد، لم يعقد أي مؤتمر صحافي خصّصه لمهاجمة "تهوّر "حزب الله"، ثم ما لبث إن أثنى الرجل على "الغاية" متغاضيا عن "الوسيلة": جرود عرسال ارتاحت وهذا المهمّ!  "لن نتقاتل مع "حزب الله" بسبب الكويت". هكذا قال مسؤولون قواتيون ردّا على إثارة الوزير بيار ابو عاصي موضوع خلية العبدلي في جلسة مجلس الوزراء 3 آب، "إستفسرنا من الحزب عن الموضوع وسمعنا جوابا يؤكّد عدم المسؤولية وانتهي الأمر هنا". 
لاحقا إنتهى الأمر بسمير جعجع يخوّن كل من يتمسّك بأطراف حكومة "شبعت إستقالة" ولم تعدّ قادرة على تحمّل  تصرفات "دويلة" حزب الله، معتبرا  أن إجراء تسوية حولها يشكّل طريقا سريعا "نحو الهاوية"، كما قال. 
هكذا وقبل أن يلتقط جعجع فرصة "الإنقلاب السعودي" على الحريري، كان يتحدّث بلهجة براغماتية  إنسحبت على خطاب معراب طوال الأشهر الأولى للحكومة، الى أن عاد وعدّل قواعد الإشتباك ملوّحا بإستقالة وزرائه من الحكومة ومعايرا الحريري بتحمّله واقع سيطرة "حزب الله" على الحكومة بالتزامن مع الزيارة التي قام بها الى الرياض.  
حكوميا، لم يخف وزراء "حزب الله" طوال نحو عام، وحتى قبل وقت قليل من إستقالة الحريري، إعجابهم بالوزراء الذين اختارهم جعجع ليعملوا الى جانب "محنّكين" في "عالم الحكومات". "بروفيلات" نشيطة ومنتجة وتلاق واضح في العديد من الملفات، خصوصا تلك ذات البعد الاصلاحي، لا تبدأ بالبواخر ولا تنتهي برفض صفقة التعاقد مع شركة visit lebanon على قاعدة التراضي، وصولا الى ملايين دولارات البطاقات البيومترية!
 وصل الأمر أحيانا الى حدّ التواطؤ. في جلسة مجلس الوزراء في 5 تموز الماضي استشعر الوزير ملحم الرياشي "خطر" إنقضاض الوزير جبران باسيل مدعوما من الحريري على آلية التعيينات المقرّة عام 2010. اقترب الرياشي، من ضمن جولات الـ lobbying التي يقوم بها عادة داخل الحكومة، وهَمس في أذن الوزير حسين الحاج حسن طالبا منه المؤازرة كي لا يربط موقف وزير الاعلام برفض تعديل الآلية بلجوئه قبل أشهر الى هذه الالية لاختيار رئيس مجلس إدارة جديد لتلفزيون لبنان. موقف وزيرا "حزب الله"  كان كافيا لصدّ مشروع تعليق العمل بآلية التعيينات، فذكّر محمد فنيش وحسين الحاج حسن كل من الحريري وباسيل بأن "هذه الالية هي واحدة من أدوات التغيير والاصلاح"!  
"شهر العسل" بين "القوات" و"حزب الله" لم يدم طويلا. وبدلا من أن يستتبع بمحاولات حوارية جدية مع الضاحية لكسر ما تبقى من جبال الجليد، إنتهى القواتيون بعد "المقامرة" الكبرى على مصير حكومة الحريري، بإعادة بناء ما أزالوه من متاريس مع الحزب، وتكريس أزمة ثقة مع "تيار المستقبل"، وأزمة "نوايا" مع رئيس الجمهورية و"التيار الوطني الحر".

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره