جنرالات "إمارة بري"

محلي
05-12-2017 |  09:31 AM
جنرالات "إمارة بري"
26512 views
الاتحاد اللبناني Source:
-
|
+
ملاك عقيل

بعد نحو خمسة أشهر من حادث الإعتداء على متظاهرين من قبل شرطة مجلس النواب إثر محاولة هؤلاء، بكل وسائل الاستفزاز، إختراق مركز عسكري بغية التوجّه نحو مجلس النواب للإعتراض على إقرار قانون الانتخاب، لم يصل التحقيق الذي فتح في الحادث الى أي مكان. 
 الأمر ليس جديدا على السمع. أقلّه، منذ تدشين مجموعات الحراك المدني أولى تحرّكاتها قبل ثلاث سنوات، اصطدمت أكثر من مرة بالمولجين بأمن مجلس النواب إضافة الى مجموعات المؤازرة الامنية من خارج نطاق ساحة النجمة.  
إتهامات متبادلة ومحاسبة بالقطارة، عادة ما تطال المتظاهرين وليس العسكر. تحقيقات تفتح ولا تختم. لكن قاسمها المشترك العين المحمّرة دائما على ذراع الرئيس نبيه بري الأمنية. جهاز أمن رئاسة مجلس النواب!
       
يوم إقرار قانون الانتخاب في 16 حزيران الفائت  لم يمرّ على خير. بالتزامن مع عملية التصويت كانت مجموعة من المتظاهرين تحاول اقتحام "المنطقة المحظورة" فكان الردّ قاسيا وعنيفا. كل طرف تسلّح بوجهة نظره. 
المشهد استفزّ الرأي العام. اما المعنيون فأدلوا بدلوّهم. بيانان لشرطة مجلس النواب في معرض الدفاع عن النفس وتبرير المشهد العنفي، و"تويت" للوزير يعقوب الصراف قال فيه  "سنتخذ الاجراءات اللازمة لمعالجة ما حصل ومعالجة مفتعلي الشغب"، مؤكدا "أنه سيتمّ استدعاء الجتود والمدنيين للاستماع الى إفاداتهم". 
دخول وزير الدفاع شخصيا على الخط مرّده أن العسكر الذين تولّوا قمع المتظاهرين كانوا يرتدون بزة الجيش. وهنا وقع كل الالتباس. 
ما حصل فعليا بعد كلام وزير الدفاع هو الآتي. الشرطة العسكرية تولّت التحقيق ثم أحالت الملف الى القضاء العسكري. استدعي العسكر، والضابط النقيب ع. و. ، وأدلوا بإفاداتهم. أما العميد عماد صعب قائد سرية الجيش، ضمن جهاز حماية المجلس، الذي أعطى الأمر بلجم المتظاهرين فأرتأت القيادة العسكرية عدم استدعائه الى التحقيق.  
ثم تمّ الاستماع الى إفادات المدنيين، لكن التحقيق الذي أصرّ الرئيس بري، وفق أوساطه، على ان يصل الى نتيجة... لم يصل الى نتيجة، فيما الملف لا يزال مفتوحا. الحجّة هي صعوبة تحديد هوية بعض الاشخاص الذين شاركوا في الشغب.  
+ جهاز أمن رئاسة مجلس النواب
تسليط الضوء على دور شرطة مجلس النواب لا يحصل فقط في ذروة لحظات عنف الشارع. ثمة أسئلة دائمة تطرح عن صراع النفوذ داخل هذا الجهاز الأمني الذي تعود الأمرة الأولى فيه للرئيس بري، وعن التوظيفات فيه، وأدواره في تأمين الحماية الشخصية لرئيس مجلس النواب وعائلته ومقرات إقامة بري ومواكبة تنقلاته.   
يتألف جهاز أمن رئاسة مجلس النواب من  ثلاثة أقسام: شرطة مجلس النواب، سرية من قوى الامن وسرية من الجيش. 
"الشرطة" معنية بتأمين أمن الرئيس والمحيط الداخلي لمجلس النواب، فيما تشمل صلاحيات سرية الجيش وسرية قوى الأمن (مع شرطة المجلس أحيانا كثيرة) حماية أيضا أمن الرئيس وعائلته والمحيط الخارجي  اللصيق لمجلس النواب ومداخله، إضافة الى مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة والمصيلح  ومنزل بري في الجناح، والمراكز التابعة لرئاسة مجلس النواب والمهرجانات والمناسبات وفي كل مكان يتواجد فيه "دولته" أو عائلته... 
المحاولات الاولى لإنشاء هذا الجهاز تمّت على عهد رئيس مجلس النواب صبري حماده  لحل نزاعات محتملة، حيث عيّنت يومها مجموعة صغيرة جدا لادارة هذا لجهاز. 
ينصّ قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي على إنشاء سرية لحرس المجلس النيابي. خلال الحرب الاهلية، كان التضارب واضحا في  صلاحيات الاجهزة المعنية بأمن مجلس النواب، إلا أن تمّ انتخاب نبيه بري رئيسا لمجلس النواب عام 1992 حيث أنشأ جهاز أمن رئاسة المجلس الذي تتبع له الاجهزة الثلاثة. في الشكل حلّت الأزمة، لكن في الممارسة بقي التضارب قائما.  
+الضابط رقم واحد
ودرج العرف على أن تكون رئاسة الجهاز، الذي يتولاه حاليا العميد عدنان الشيخ علي، لصالح الضابط الذي يكون أيضا قائد سرية قوى الامن. سبقه الى هذا الموقع العميد محمد قاسم الذي بقي قائد جهاز الامن وقائد سرية قوى الامن من 92 حتى 2005.  
وقاسم هو القائد السابق لوحدة الادارة المركزية في قوى الامن الداخلي الذي، وبعد إحالته الى التقاعد، ووجه باتهامات مع ضباط وعناصر آخرين باختلاسات تصل بمليارات الليرات من أموال المساعدات المرضية في قوى الامن وتمّ توقيفه بعد رفع بري الغطاء عنه. 

 عام  2005 تمّ تعيين العميد الشيخ علي بقرار من الرئيس بري رئيسا لجهاز أمن رئاسة مجلس النواب، فيما يتولى في الوقت نفسه حاليا رئاسة شرطة مجلس النواب بعد ان تولى رئاسة سرية قوى الامن. يعرف بشخصيته القوية والمثيرة للجدل. لا ينتمي الى فئة "المتزلفين" في  محيط بري،  وهو من تلاميذ الامام الصدر، كما يقول.  
تخضع قيادة شرطة مجلس النواب في كل ما يتعلق بالترقيات والتعيين والراتب لسلطة رئيس مجلس النواب مباشرة وأمرته، ويطبق عليها ما يطبق على قوى الامن الداخلي لناحية المعاشات والرواتب والتعويضات... 
+ عديد الشرطة 430 عنصرا
يبلغ عديد شرطة المجلس حاليا ما يقارب 430 عنصرا. بينهم 17 ضابطا، إثنان منهم برتبة عميد وهما العميد عدنان الشيخ علي ويوسف دمشق الملقب بـ "أبو خشبة" المحصورة مسوؤلياته بأمن مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة.
للشرطة جدول ملاك، لكن العديد، الذي لامس الـ 525 عنصرا في سنوات سابقة، يشهد نقصا متزايدا بسبب الإحالات المتتالية الى التقاعد. وهو ما يعاكس حاليا "سياسة الحشو والتنفيع" التي لطالما ارتبطت بهبكلية التوظيف والتطويع في شرطة مجلس النواب، بحيث أن الغالبية الساحقة من العناصر ليس فقط من الشيعة بل من الموالين أو المنتسبين لـ "حركة امل".  
+التوظيف متوقف... وابتزاز سياسي
وتفيد معلومات في هذا السياق "ان التوظيف متوقف حاليا، فيما هناك حاجة فعلية الى نحو 100 عنصر". ويتحدّث مطلعون،   "عن شبه حظر على شرطة المجلس من مؤسسة قوى الامن، وطرف خيطه بدأ مع وصول اللواء اشرف ريفي الى المديرية ولا يزال هذا الواقع قائما حتى اليوم".  
الى ذلك، تنكر مصادر شرطة المجلس تهمة "حشو" العناصر  لتنفيعات سياسية حيث يقبضون ولا يداومون، مشيرة الى "أننا نخضع لابتزاز سياسي، والعدد الحالي غير مستوفي الجدول". 
يتمّ التوظيف  في شرطة المجلس عادة على شكل إبلاغ حلقات ضيقة بالحاجة للتطويع تجنّبا لـ "طفرة" الطلبات.  آخر دورة تطويع تمّت عام 2015. 
يتولى رئيس جهاز الأمن وضع الاسئلة، فيما مواصفات التطويع هي تلك التي تطبق على عناصر قوى الامن. يرفع رئيس الجهاز الأسماء وبري يوقع مع "حصة" محجوزة سلفا له. وبعدها يخضع الجميع لدورة تدريبية في قوى الامن ثم لنفس موجبات التدرّج في الترقيات. يعرف عن العميد الشيخ علي "تعصّبه" في مجال التطويع وقبول التوظيفات في مقابل النفس الانفتاحي الأكبر لرئيس مجلس النواب.  
+ خلاف الصقور
ورغم اللون الشيعي الطاغي على شرطة المجلس، فإن أول ضابط رقيّ الى رتبة عميد في جهاز الشرطة هو جوزف سعاده. لاحقا نقله الرئيس بري الى أمن الدولة بغطاء من مجلس الوزراء، رغم أن القانون يحظر نقل ضباط شرطة المجلس الى أي جهاز أمني آخر بعكس ما يحصل مع ضباط الجيش. العميد الثاني هو عماد زهيري ("تيار المستقبل" واستلم رئيس بلدية شبعا لاحقا). 
أما لدى  الشيعة فأول من رقيّ الى رتبة عميد هو "ابو علي" يوسف دمشق  الذي وبعد نزع صلاحية أمن مبنى مجلس النواب من يده قبل سنوات عديدة عيّنه بري مسؤول أمن عين التينة حصرا. العارفون يشيرون الى الخلاف الكبير والتباعد بين العميد عدنان الشيخ علي والعميد يوسف دمشق وعمره سنوات، ويدخل ضمن إطار صراع النفوذ الذي بقي تحت السيطرة. 
+ لا أمرة للجيش على "سرية الجيش"!
أما سرية الجيش في جهاز حماية مجلس النواب فعديدها 320 وهي حاليا برئاسة العميد عماد صعب، وسرية  قوى الامن برئاسة العقيد عمار حاطوم وعديدها 220. وهما يتبعان لأمرة رئيس الجهاز.
منذ 30 عاما يواكب العميد صعب بري في مسيرته منذ كان وزيرا قبل الـ 1992. يجاهر أنه من تلاميذ الامام موسى الصدر "ودخلت الحربية على هذا الأساس". وعام 1994 التحق بشرطة المجلس ضمن سرية الجيش بعد ان خدم في اللواء التاسع من 91 الى 94. 
تتبع سرية الجيش إداريا لمنطقة بيروت، بعد أن كانت تابعة في السابق للواء السادس من 1992 حتى العام 2011 تحت مسمّى "سرية 607"، ثم سمّيت سرية حماية مجلس النواب بدءا من 2011. 
قبل العميد صعب  تعاقب على سرية الجيش الضباط علي ابي ناصيف ثم العميد علي مهنا رئيس النادي العسكري حاليا. 
ووجود سرية من الجيش ضمن جهاز أمن حماية المجلس لا يزال يشكّل حساسية سياسية تتجلّى بشكل أكبر خلال اشتباكات الشارع خصوصا أن لا أمرة للقيادة العسكرية عليها وقائدها الحالي يدين بالولاء الكامل لبري.  
يقول مقرّبون من بري "هناك استهداف دائم للرئيس بري يأخذ أحيانا شكل التصويب على سرية الجيش أو عدنان ضاهر أو أحمد بعلبكي أو العميد يوسف دمشق... هناك سرية من الجيش مفصولة للرئاسة الثانية بسبب وضعه الخاص. وأي إستهداف لهذه السرية نعتبره استهدافا لهيبة الرئاسة الثانية".  
وفي ما يتعلق بالإشكال الأخير في حزيران الفائت يشير هؤلاء الى "ان العميد صعب لم ينتظر التعليمات يومها بحيث بادر وبأمر ذاتي منه الى إعطاء الاوامر بقمع المتظاهرين بعد أن مارسوا كل أنواع الاستفزاز. نحن تحت القانون. لم نخطئ. ودافعنا فقط عن مراكزنا". 
أما لناحية استخدام الرصاص الحيّ أبّان المواجهات مع المتظاهرين قبل نحو ثلاث سنوات فيلفت هؤلاء الى "أن أوامر واضحة اعطيت بذلك، ولو نجح المتظاهرون في اقتحام حرم المجلس لحصل إطلاق النار على الأرجل..."

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره