بين "الحريرَيّن"... إنفصام بالقوة!

محلي
24-11-2017 |  08:47 AM
بين "الحريرَيّن"... إنفصام بالقوة!
2142 views
الاتحاد اللبناني Source:
-
|
+
ملاك عقيل 

ليس هناك أبلغ من "حالة الإنفصام" التي عايشها الرئيس سعد الحريري مُرغما، بين "ليالي المملكة" ويوم العودة، سوى تلك الصورة التي "ضَبطت" رئيس الحكومة العائد عن إستقالته لحظة الشدّ بكلتا يديه على يدّ السفير الايراني في لبنان مبتسما ومحاذرا عدم "التسلّل" من قاعة التهائي كما فعل لحظة وصول السفير السوري عبد الكريم علي!
خمس محطات إستعاد فيها الحريري... سعد الحريري.  من كتاب التريث في الاستقالة في قصر بعبدا الى خطاب ملاقاة "أهل الوفاء" في بيت الوسط، مرورا بدار الإفتاء وعين التينة وصولا الى مؤتمر الفينيسيا، محطات ومواقف جاءت خالية من عبارات السقوف "الحديدية" التي وردت في كتاب الاستقالة من الرياض: 
لم يتحدّث عن "الظروف المأساوية" التي تعانيها البلاد العربية "بسبب التدخلات الخارجية". لم يشر الى "الفئات" التي تسلّطت على "الشعب اللباني العظيم" ودُعمت من خارج الحدود وزرعت الفتنة وتطاولت على سلطة الدولة". لم يذكر "حزب الله"  ولا إيران بأي كلمة ولم يلمّح اليهما حتّى، إستطرادا قفز فوق كل الإتهامات التي ساقها ضد الطرفين في كتاب الاستقالة. وقطعا لم يشر الى "الأيادي التي ستقطع" إذا امتدت بالسوء الى الأمة العربية!
 في كل ما قاله في اليومين الماضيين لم يذكّر القيادات السياسية ولا جمهوره بـ "اننا نعيش في أجواء شبيهة بتلك التي سادت قبيل اغتيال  الرئيس رفيق الحريري"، ولم يستحضر "ثورة 14 آذار العظيمة"... إختصر قطوع "الإختفاء" فجأة عن المسرح اللبناني بثواني الإرتماء في حضن "العمّة بهية" مدمّعا بعد معاينته لـ"بحر" الوافدين الى بيت الوسط الراقي غير المعتاد على ضجيج الأقدام وهدير الحناجر.  ردّد عشرات المرّات عبارتيّ "مصلحة لبنان" و"النأي بالنفس". السبيل الوحيد لعدم مغادرة قارب "التسوية" الذي فُرض عليه النزول منه بالقوة!
بالتأكيد، بدا "سعد حريري" آخر. حتى "أمنه المخروق"،  والمؤامرة "ُلإستهداف حياته"، كما قال من الرياض، لم تمنعاه من فعل ما لم يتجرّأ في السابق على فعله. التغلغل بين الكنل البشرية التي توافدت لملاقاته بعد "الغيبة". وفي غضون ثلاثة أيام تجوّلت مواكبه المموّهة بين المناطق أقلّه بالحذر نفسه الذي كان يطبع جولاته قبل الإستقالة، لا أكثر ولا أقلّ. 
فقط الشكل الخارجي هو القاسم المشترك بين "الحريريَن". حتّى هنا يمكن الإستفاضة في "الفوارق". ملامح الوجه، الصوت، طريقة التعبير، حركات الجسد... ما عدا ذلك، "دولة الرئيس" عاد الى قواعده سالما، بدا أنه لم يغادرها أصلا. 
لن توضح الفوارق أكثر إلا حين يُنشر الغسيل على سطوح بيت الوسط. تلميحات من دون تسميات. الحريري ينظر الى جمهوره كمن ربح حربا عالمية. لم يكن بحياته بحاجة الى هذه المشهدية بقدر حاجته اليها في هذه اللحظة. ينظر اليهم، أجسادا متراصة تملأ فراغات  زواريب وادي ابو جميل "يللي بدو يشوف يشوف. يللي بدو يسمع يسمع". رسالة مشفّرة الى من شكّك بـ "أهلية" الحريري لقيادة المرحلة. يلاقيه فورا من أهل البيت من يتحدّث عن "كتبة التقارير الذين ضلّلوا الرأي العام  ونظّروا على سعد الحريري وأوحوا أنه سلّم البلد الى "حزب الله" وزايدوا عليه في محبتهم للسعودية". 
ليس في ذلك سوى التتويج الطبيعي لإستنتاجات صارت ترتقي الى حدّ الحقيقة الكاملة. كتب لـ "الشيخ" عمرا سياسيا جديدا. ومن دون أن يدري، خرج سعد من الأسر ليروي بنفسه، وعلى طريقته، "حادثة خطفه" من بين أحضان تسوية بقي حتى ساعات قليلة من تقديم إستقالته يحاضر في كونها من "إرث" الشهيد رفيق الحريري. سعد الحريري "الثاني" أسقط المملكة من كل خطاباته ولائحة عرفانه بالجميل على غير عادته وعادة "الامبراطورية الحريرية". لم يشكرها حتّى على "الاستضافة"! 
في السعودية "يقدّم" إستقالته، في القصر "يعرضها" على رئيس الجمهورية ويتلقّف "التريث" كجسر "توبة" عن خطيئة لم يرتكبها. لم يصوّب بوصلة سؤال طرح عليه في دار الفتوى بأنه "فعلها" تحت الضغط. لم يستفزّه السؤال كما استفزّ مقرّبين منه من دائرة "المزايدين" يوم كان، بإعتراف العالم، "أسير المملكة". "الحمدالله على السلامة" يعترف علنا بأن جمهوره قدِم خصيصا ليقولها له ولـ"يكمّل معه". الأرجح أنه سمعها مئات المرات من أقرب المقرّبين اليه، ممّن إقتنع فعلا  أنه "عاد من المجهول".  كاد ينطقها: كنت أسيرا واستحق ما تفعلونه من أجلي! 
الحريري المرتاح "المنتصر" لا يفعل شيئا ليدحض نظرية أن مؤامرة حيكت ضده ولاقت من الداخل من يغذّيها. إنشَغل أكثر بـ "صيانة" زعامة كادت بلحظة سعودية "طائشة" أن تصبح من الماضي، وانتزع تفويضا جديدا بكونه "المرجعية الحصرية" للجمهور الأزرق، لكن للمفارقة، ليس من أخصامه بل من "حلفائه"! 
"صراعات البلاط" تتجلّى بوضوح لا لبس فيه. باسم السبع، رجل الظل الى جانب الحريري منذ 12 عاما، يطلّ على الشاشة بعد نفض الغبار عن "الرجل الوفي" حيث تلا بيان "كتلة المستقبل" الأول بعد العودة... وعقاب صقر معتكف في منزله. إما فارس سعيد فمنشغل في "العالم الافتراضي" بالدفاع عن نفسه "أنا لست يهوذا الاسخريوطي"...

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره