سعد العائد: لا عهد من دوني!

محلي
20-11-2017 |  10:02 AM
سعد العائد: لا عهد من دوني!
1309 views
الاتحاد اللبناني Source:
-
|
+
ملاك عقيل

أي "سعد الحريري" سيعود الى بيروت؟ 
سعد الحريري نفسه، على الأرجح، لا يعلم. الرجل الذي قاد سيارته بنفسه من مطار "لوبورجيه" الفرنسي الى منزله في جادة ألبير الأول في باريس لن يكون قادرا لوحده على قيادة "دفة" إستقالة حوّلته الى محتجز في السعودية لأسبوعين كاملين، و"نجم" في باريس ورئيس حكومة لا غنى عنه في بيروت. من العاصمة الفرنسية أقرّ علنا "لوحدي لن أستطيع أن أقوم بأي شئ. كلنا يجب أن نتعاون لنخرج من النفق". 
الحريري مرتاح ومنشرح لكن ليس وقت طويل. إنتهت أزمة الأسر لتبدأ أزمة قد تكون أكبر منه. لا يمكن اي مراقب إلا أن يلاحظ الفرق بين "الحريريّن": "السعودي" و"الفرنسي". بعد التعتيم والظهور "المنظّم" إستعاد الرجل كل عاداته تقريبا بما في ذلك الـ "سيلفي" وهاتفه الذي لا يتوقف رنينه إضافة الى شلال الرسائل. 
العائلة باتت خارج التداول مبدئيا. حسام، نجل الحريري البكر، غادر مجددا الى لندن. زوجته لارا العظم  تلتحق قريبا بولديها عبد العزيز ولولوة في الرياض حيث ستبقى الى جانبهما فيما لا مشروع للعودة الى بيروت. منطق "الحريري والعائلة معا" الذي روّج له حاملو لواء "تحرير سعد"  تراجع الى الوراء بعد الحدّ الأدنى من التطمينات.  
بالتأكيد لن تكون "ليالي باريس" ولا مروحة الاتصالات التي بدأ بها رئيس الحكومة من الرياض "تحت الضغط"، كما جزم المقرّبون منه، واستكملها في العاصمة الفرنسية ولاحقا في مصر، هذه الحركية لن تكون كافية للحريري ولا فريق عمله بعد "عودته الى الخدمة" من أن تضع خارطة طريق الخروج من الأزمة. فالكلام والإتفاق النهائي لن يحصلا إلا في بيروت، تماما كما موقف رئاسة الجمهورية منذ أولى ساعات الاستقالة "عدّ لنتكلّم". 
لكن "ملامح الحريري" العائد يمكن أن ترسم من خلال إستقبالاته الباريسية. متحرّرا من اللباس الرسمي، باستثناء زيارته الى قصر الاليزيه للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قضى الحريري معظم وقته مرتديا الـ "السبور". بدا مزهوا بتغطية إعلامية لم يكن يتوقعها، ووصلته سريعا أصداء عن رأي الصحافة الأجنبية به وصولا الى الأرجنتين والبرازيل، إذ وُصِف بـ "global figure". كل شئ كان يوحي أنه "الرهينة" العائد من الأسر. لكن المكابرين من الأساس لم يغادروا دائرة عنادهم الأقرب الى عناد "المراهقين". 
وتسنّى للحريري  بعيدا عن الكاميرات القيام برياضة المشي يوم أمس كما تعوّد خلال كل زيارة يقوم بها الى باريس. إلتقى المزيد من الضيوف من الأقارب والأصدقاء، لكن أيا من حلفائه السياسيين أو من أعضاء كتلته النيابية، باستثناء الوزير نهاد المشنوق وعمته بهية الحريري وأحمد الحريري وغطاس خوري، لم يلاقيه الى باريس لـ "التهنئة بالعودة". أما النائب عقاب صقر فتردّد بأنه سافر الى قبرص، فيما شارك نديم قطيش، أحد أبرز المتهمين بالتكلّم باللغة "السبهانية"، في اللقاء الذي جمع الحريري مع الإعلاميين كما تردّد أكثر من مرة الى منزله. 
في "إستراحته" الباريسية بدا الحريري ممتنّنا لحالة "الإلتفاف الوطني"، كما وصفها، التي واكبت تقديمه الإستقالة وتواجده في الرياض معتبرا إياها "حالة إلتفاف ليس مع سعد الحريري إنما مع فكرة الإستقرار التي مثّلها الحريري في الأشهر الماضية من موقعه ودوره". 
وكان الحريري حاسما في عدم رغبته "إستثمار" هذا التضامن والتعاطف معه لتوظيفه في الصراع الداخلي في لحظة حاسمة ومصيرية بل لتحصين الاستقرار من خلال وضع أسس "تسوية نهائية وحقيقية". 
وقد قال أمام زواره "للأسف العام 2005 كان الحدث كبيرا جدا وأليما لدرجة أننا إنزلقنا جميعا نحو التصادم، واستعملنا شعبويتنا في الصراع الداخلي. لكن اليوم على الجميع أن يعي أن ليس لدينا ترف اللجوء الى هذا النوع من الاستثمار والتوظيف في السياسة الذي يعزّز الانقسامات". 
باستثناء الحلقة الضيقة جدا لم يتحدث الحريري عن "أيام الرياض" وما بعدها أمام من التقاهم.  تحدّث عن "المسؤولية الوطنية" التي يجب أن نضطلع بها جميعا أمام هذه اللحظة الحاسمة"، مؤكدّا أنه سيشارك أيضا في حفل الاستقبال في القصر الجمهوري بعيد إنتهاء العرض العسكري كرئيس حكومة مستقيل على أن يسبق ذلك حصول لقاء مع رئيس الجمهورية، وبعدها يبدأ الكلام!
وما لم يكن ممكنا سماعه على لسان مقرّبين من الحريري أثناء الإقامة الملتبسة في السعودية، بات يقال بسهولة بعد الوصول الى باريس. يقولاء هؤلاء "على المستوى الشخصي كان أفضل لسعد الحريري الإستمرار بالتسوية و"تقطيع المرحلة". لكن أداء إيران و"حزب الله" دفع السعودية الى قلب الطاولة. لاحقا جارى المجتمع الدولي الرياض على قاعدة "أخطات المملكة في الشكل لكن في المضمون لديها حق"، وهذا ما يفسّر تشديد كل الدول الاوروبية على مبدأ النأي بالنفس والحياد"، ولا ينكر هؤلاء "ان كل ما قام به الحريري من إتصالات من الرياض كان تحت ضغط إعلامي وسياسي سعودي غير مسبوق وهذا ما يصعب نكرانه". 
أما ما يقال في حلقة اللصيقين بسعد فأوضح بكثير "منذ لحظة صعوده الى الطائرة باتجاه باريس "تحرّر" سعد جسديا لكن ليس بالسياسة!". 
ويبدو أن الحريري قد حَسَم أولوياته للمرحلة المقبلة. عائد الى بيروت كرئيس حكومة مستقيل، مع إدراكه لمدى حاجة الداخل اللبناني الى الإستقرار، لكن االمدرك أيضا، وفق ما قاله من دارته في باريس،  الى أن "إستمرار المناورات وتسويات الـ "نص كمّ" لم تعد ممكنة. في السابق كنت أقول أنا أمّ الصبي من خلال التنازلات التي قدّمتها بمعزل عن الآخرين. لكن الآن ليس وحدي من سيقوم بالمهمة بل الجميع وعلى رأسهم "حزب الله" كي نلمّ البلد، وإذا لم يحصل ذلك نحن أمام أزمة كبيرة". 
والحريري "المفتون" بأداء رئيس الجمهورية منذ الاستقالة لا يتوقع من الأخير سوى أن يقود طاولة حوار جديدة بعنوان واحد "كفّ شرّ "حزب الله" عن المنطقة، وعن الرياض تحديدا"، متكئا على ورقة ضغط قوية لكن متوازنة "لا عهد منتج من دون سعد الحريري، ولا وجود لضامن للتسوية المطلوبة من دون عون".

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره