معركة قواعد اللعبة تحت عنوان الحكومة

محلي
30-11-2016 |  12:08 PM
معركة قواعد اللعبة تحت عنوان الحكومة
726 views
alanwar Source:
-
|
+
كان لينين يقول ان السياسة ليست مثل شارع نيفسكي. وهو شارع طويل مستقيم في بطرسبرغ التي أطلق عليها السوفيات اسم لينينغراد ثم أعيد اليها اسمها القيصري بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فالسياسيون يفضلون الطريق المتعرّج. وما هو صحيح في الجغرافيا ليس صحيحا في السياسة، وهو ان الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين. لكن السائد في لبنان هو سياسة الزواريب. والتعرّج السياسي يتجاوز التكويعات الى قطع الطريق كلما دعت المصلحة. والأدهى هو حرص أصحاب الطريق المتعرّج على الايحاء ان الطريق مستقيم.
وهذا أقل ما نراه ونسمعه في مسار تأليف الحكومة كما رأيناه وسمعناه في مسار الشغور الرئاسي. فمن السهل على أي طرف القول انه يلعب دور التسهيل، وهو يلعب عمليا دور التعطيل. ولا يبدّل في الأمر والسلوك والخطاب كون اللعبة مكشوفة، والكل يعرف الصورة الحقيقية المغطاة بظلال كاريكاتورية. فلا حياء في الشطارة والتشاطر عند التعامل السياسي مثل التعامل في السوق. ولا شيء ينطبق علينا أكثر مما يسمّى في أميركا مبدأ كلينتون القائل: قوي على خطأ يغلب ضعيفا على حق.
والواقع ان ما نراه في عملية تأليف الحكومة هو، في الشكل، نوع مما يسميه الفرنسيون إغراق السمكة. وهو في الجوهر، محاولات لتركيز قواعد اللعبة في النظام وفي تحديد موقع البلد الاقليمي. فالفارق كبير بين تأليف حكومة للعمل المشترك وبين توزيع وزارات منفصلة عن بعضها بعضا على الطوائف والمذاهب والأحزاب والأشخاص.
 
ولا حديث عن أي مشروع، وسط الانشغال بالحقائب ولمن تذهب. حتى المهمة الأساسية للحكومة وهي اجراء الانتخابات النيابية واعداد مشروع موازنة العام ٢٠١٧ بعد سنوات من اللاموازنة، فان الكلام على قانون الانتخاب لا يزال ضمن العنوان العام الذي لا يعني شيئا عمليا. والحديث عن الموازنة لا يزال حديث أرقام وعجز من دون تركيز على مشاريع اقتصادية ومالية واجتماعية.
وكل ذلك عُقد مصطنعة على السطح فوق اللعبة الحقيقية في العمق. فالمسألة هي من يدير لعبة السلطة في لبنان، وكيف يتم تكريس موقع البلد في صراع المحاور الاقليمية، بحيث يكون المنتصر في سوريا والعراق واليمن هو المنتصر في الوطن الصغير. وما يخيف كثيرين ويتركز عليه اطلاق النار هو تفاهم معراب بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية واحتمال ان يكتمل تحالف الثنائي المسيحي بتفاهم ثنائي بين الطوائف. وما يراد له ان يكون ديمقراطية توافقية هو مجرد الموافقة على ما يطلبه طرف قوي.
ولا أحد يعرف متى تنتهي معركة الحكومة ومدى ما تحققه المعركة الاستراتيجية تحت عنوان الحكومة. لكن الربح الوطني ليس جمع مكاسب فئوية.


الكاتب: رفيق خوري

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره