جلسة «تشريع الضرورة»: مليارات تتطاير على عتبة الرئاسة!

محلي
20-10-2016 |  11:57 AM
جلسة «تشريع الضرورة»: مليارات تتطاير على عتبة الرئاسة!
3170 views
Assafir Source:
-
|
+
لم تساهم مجريات الجلسة التشريعية الأولى في العام 2016، في إعطاء الأمل بأن أي إجراء على أهميته، قادر على تلميع صورة مؤسسات الدولة. فأن يخرج الممثلون المفترضون للشعب اللبناني ليبحثوا في إعطاء وزير المال صلاحيات التوقيع على الاتفاقيات، في ما يتعلق بالتبادل الضريبي، «لأن المجلس قد لا يجتمع خلال سنتين»، هو أكبر دليل على أن الظروف الاستثنائية لن تنتهي بانتخاب رئيس أو بانتخاب مجلس نيابي جديد أو بتشكيل حكومة جديدة.
انطلاقاً من هذه «الظروف»، صار كل شيء مباحاً. لا الحكومة تقر القانون وتحيله إلى مجلس النواب، ولا اللجان النيابية المتخصصة تناقش المشاريع تمهيداً لإحالتها إلى الهيئة العامة. يسهل استبدال كل السياق الدستوري بعبارة سحرية واحدة «اقتراح معجّل مكرّر».
وعليه، لأي من النواب أن يقدّر بنفسه أن مشروعاً لا يحتمل التأخير، فيطرحه معجلاً مكرراً مهما كان تقنياً أو مصيرياً وحتى لو كان في الأوقات العادية بحاجة لأشهر من الدرس. وبمجرد موافقة الهيئة العامة، التي هي «سيدة نفسها»، كما يردد الرئيس بري، على صفة الاستعجال، يبدأ «البازار»: أرقام وأفكار تطرح من هنا ومن هناك من دون أن تكون مبنية على أي منطق أو دراسة.
من قرأ الاتفاقية؟
يسأل النائب علي فياض، في معرض اعتراضه على إقرار الاتفاقيات المطلوبة دولياً، زملاءه النواب سؤالاً بسيطاً: من قرأ الاتفاقية التي نحن بصدد إقرارها، فكانت النتيجة أن ثلاثة نواب هم الذين قرأوها فقط. لكن لأن «الضرورات تبيح المحظورات»، ولأن الاعتراضات تهدد باعتبار الخارج لبنان «دولة غير متعاونة»، يصبح الحديث عن أن المجلس «سيد نفسه» بحاجة إلى المزيد من التدقيق.
قال الرئيس بري وجهة نظره: نعم أميركا تحتل العالم، ولكن ليس بالجيوش ولكن بالدولار. هذا أمر يسلّم به كل الاقتصاديين، الذين يؤكدون أن التعامل باستخفاف مع القوانين المالية المطلوبة غربياً يمكن أن يؤدي إلى القضاء على النظام المالي اللبناني. فاعتبار لبنان دولة غير متعاونة سيليه مباشرة تخفيض تصنيفه، وبالتالي تكون النتيجة إحجام المؤسسات المالية العالمية عن التعامل معه، بما يهدد بتدحرج كرة الثلج وصولاً ربما إلى الانهيار الاقتصادي.
كل ذلك صار من الماضي، فالمجلس النيابي صدّق القانون المتعلق بتبادل المعلومات الضريبية «بشكل تلقائي». علماً أن الصيغة التي أقرت هي نفسها التي عدّلها المجلس، في العام الماضي، جاعلاً التبادل مشروطاً بوجود حكم قضائي مبرم، قبل أن يتبين أن هامش المراوغة معدوم وما كتب دولياً قد كتب وما على لبنان إلا التوقيع.
وفي إطار تنفيذ «المطلوب دولياً»، تم إقرار ثلاثة قوانين جديدة هي: القانون الرامي إلى إلغاء الأسهم لحامله والأسهم لأمر، وتحديد موجبات نشاط الـ trustee (مكلف من قبل صاحب الحق بالوصاية على الأملاك أو الأعمال، وهو نشاط اقتصادي غير موجود في لبنان)، واقتراح القانون المعجل المكرر الرامي إلى تعديل المادة 316 من قانون العقوبات المتعلقة بتمويل الإرهاب.
عكّاز الموازنة
وعلى ما جرت العادة، فإن جلسة تشريع الضرورة لا تكتمل بدون المتطلبات الداخلية. اقتراح يجيز للحكومة إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية بقيمة ثلاثة مليارات دولار واقتراحان معجّلان لفتح اعتمادات إضافية على الموازنة العامة والموازنات الملحقة. ثلاثة قوانين أعادت النقاش إلى الدائرة الأولى. عشوائية مستمرة في الصرف والاستدانة بلا رقيب أو حسيب. هل يُعقل أن تُقر موازنات بطريقة ملتوية وباقتراح معجل مكرر؟ سئم رئيس الوزراء من تحميل مسؤولية عدم إقرار الموازنة للحكومة. قال تمام سلام من دون تردد: لا تأتوا على سيرة موضوع الموازنة، فالموازنة خارج الحكومة.. هي عندكم (عند القوى السياسية). وأكمل: «ما تعكزوا على الموزانة كل دقيقتين».
استدعى موقف سلام انتفاضة من النائب جورج عدوان، فأشار إلى ان ما سمعناه خطير، مستغرباً كيف تتبرأ الحكومة من مسؤوليتها، ومذكراً أنه منذ آخر موازنة (2005) تم إقرار 5 اعتمادات إضافية. ومع إضافة الاعتماد الذي أقر أمس والذي خضع للتخفيض من 862 مليار ليرة إلى 533 ملياراً، بعد اعتراض الرئيس فؤاد السنيورة، تكون الموازنة العامة قد صارت عملياً نحو 25 ملياراً، 10 مليارات منها تصرف وفق القاعدة الإثني عشرية و15 ملياراً من خلال الاعتمادات الإضافية!
حُمّلت الجلسة أكثر مما يتحمل النواب الغارقون باقتناص الأخبار الرئاسية من هنا وهناك. لكنهم مع ذلك، سعوا قدر الإمكان إلى ممارسة دورهم التشريعي. ناقشوا وحاوروا لتأكيد حسن النية، لكنهم تحفظوا في بداية الجلسة عن القوانين غير المالية، لأنهم اعتبروها لا تتناسب مع تشريع الضرورة، فيما كان «حزب الله» يسجل تحفظه عن القوانين المالية تحديداً، رفضاً للتشريع تحت ضغط الخارج.
استحضرت كل عورات قانون السير، من زاوية القانون المتعلق باللوحات الذكية، التي ستبدأ هيئة السير بإصدارها قريباً. وتلك كانت مناسبة للتذكير ببند علّق عند إقرار القانون، ويتعلق بالأرقام المميزة. من يسمع تصريحات النواب يعبّرون عن رفضهم وشجبهم لأي نوع من أنواع التمييز، يظنهم سيتسابقون لرفع أيديهم مطالبين بإلغاء الأرقام المميزة. لكن لا أحد يعرف كيف ينتهي النقاش من دون أن يمس «المكاسب»!.
لولا إقرار القانون الرامي إلى تخصيص اعتمادات لتنفيذ بعض الأعمال في حوض الليطاني، ولولا تخفيض الغرامات على رسوم الميكانيك والرسوم البلدية، ولولا القانون المتعلق بتجريم إطلاق النار في الهواء، لأمكن القول إن الجلسة هي جلسة مصالح سياسية لا أكثر.
أين قانون الانتخاب؟
الأغرب، أن القانون الوحيد الذي لم يمر (إذا استثني قانون الانتخاب) كان المتعلق بتعيين الأساتذة الناجحين في المبارة المفتوحة التي أجريت عام 2008. فالنائبة بهية الحريري، أرادت الحصول على معطيات إضافية تتعلق بالاختصاصات والأعداد، وذلك كان كافياً ليرفض بري نتيجة التصويت عليه بعدما نال الأغلبية، وكان كافياً ليتراجع النائب محمد الحجار عنه علما أنه عضو في لجنة أقرته. أما الوزير المعني، فدافع عن الاقتراح قبل أن يتبين أنه يدافع عن اقتراح آخر، فانضم على الأثر إلى مؤيدي التأجيل!
حتى قانون الانتخاب سقط من «أجندة» مشترطي وضعه على جدول أعمال الجلسة. لم يأت أحد على سيرته حتى من باب «اللهم إني بلغت». تُرفع الجلسة لفقدان النصاب، فيتبين أن نواب «القوات» و»التيار» كانوا يسابقون زملاءهم إلى الخارج. أما القانون الذي هددا بمقاطعة الجلسة إذا لم يكن على جدول أعمالها، فتحوّل إلى مادة للتندّر و»الهضامة» لا أكثر.
لكن لا بأس، يطمئن النائب ابراهيم كنعان إلى أن الأهم هو فرصة انتاج رئيس جمهورية في اقرب وقت، بعدما قطع الموضوع شوطاً كبيراً.
 

الكاتب: إيلي الفرزلي

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره