في الكحّالة كُحلٌ وعَمى والفاعل واحد... «التيار»

محلي
30-4-2016 |  05:02 PM
في الكحّالة كُحلٌ وعَمى والفاعل واحد... «التيار»
1524 views
AlJoumhouria Source:
-
|
+
معركة من نوع آخر تستعدّ لخوضها منطقة الكحّالة مع اقتراب الاستحقاق البلدي، معركة بين «العين» و«أختها»، بين «الزند» و«السوار»، إذ يَخوض «التيار الوطني الحر» المعركة ضدّ نفسه، فالمرشّحان المتنافسان محسوبان «عَ التيار». والنتيجة؟... «نحن في وضعٍ لا نُحسَد عليه، محرِج في الحقيقة»، وفقَ ما أوضحه مصدر عوني مواكب لـ«الجمهورية».

هي واحدة من بلدات قضاء عاليه الواقعة على سفحٍ جبلي منحدر، هي بوّابة الجبل، وحارسة العاصمة. تضمّ نحو 3400 صوت على لوائح الشطب، يبلغ عدد المقترعين نحو ألفين و350 صوتاً. أكبر العائلات فيها: بجاني تضم 1400 صوت، أبي خليل 950 صوتاً، الزغبي ومكرزل بنسبة متقاربة 480، فغالي 100، رزق الله 90.

في هذه «الضيعة» كما يحلو لأهلها مناداتها، ذات الثِقل العوني، العرف السائد منذ سنوات أن تكون رئاسة البلدية المكوّنة من 15 عضواً في عصمة آل بجاني، كونها العائلة الأكبر.

قد يعتقد البعض أنّ وجود العرف غالباً ما يزيل «نصّ» المشكلة، لكنّ تجربة الأهالي مع هذا العرف لم تكن مشجّعة أو أقلّه لم تجنّب البلدة حدّية المعارك أو تردع عنها مرارة الانقسامات.

ومن بين الانتكاسات التي اختبرَتها، كانت حلّ مجلسها البلدي عام 2013، والذي كان برئاسة جورج توفيق بجاني (الرئيس الحالي)، وذلك نتيجة تقديم نصف أعضائها استقالتَهم. لكنّ جورج عاد وخاض الانتخابات ليفوز مجدّداً بالرئاسة.

سقوط التوافق

الإنجازات المتواضعة والمشاريع المعدودة التي أنجزتها البلدية طوال فترة مسؤوليتها لم تحظَ برضى أهل البلدة، أو أقلّه أهل بيت «بجاني». وتزامُناً مع تشغيل محرّكات الانتخابات البلدية، بَرزت مساعٍ أوّلية لاقتناص الفرصة وامتصاص نقمة الأهالي، بتغيير المجلس ورئيسه، ولكن ضمن قواعد «تجنيب البلدة ما أمكنَ من شرخٍ عامودي».

لذا تكثّفَت اللقاءات وتَعدّد العاملون على محور التوافق، وأثمرَت المساعي الدؤوبة طرحَ أكثر من اسم، من بينها عبود بجاني الذي لا يشكّل اسمه حساسية، نظراً لعلاقته الجيّدة مع الرئيس الحالي (جورج). إلّا أنّ عبود اشترط أن يأتي بالتوافق نظراً إلى حساسية الوضع العائلي في الكحالة ودقّتِه، ولعِلمه بتداعيات أيّ معركة قد تخوضها البلدة.

ولكن على رغم معرفتهما ببعض، رفض جورج مبدأ التوافق وأرادها معركة انتخابية، مع الإشارة إلى أنّ البعض وصَف طرح عبود بجاني، «مِتل المفروض فَرض علينا». فانسحبَ عبود على الأثر، وعادت الأمور إلى نقطة الصفر، وانقسَمت مواقف «الكحّاليين»، بين فريق مؤيّد لـ جورج، وفريق آخر وجَد أنه لا ينطبق عليه «الرجل المناسب في المكان المناسب».

«أولويتنا الكحّالة»

لا يُخفي الكحّاليون الطامحون إلى تغيير بلدي، صعوبةَ تبديل الرئيس «بين ليلة وضحاها»، مردّدين: «الزَلمي واصِل وماسِك، بَس مش عم يشتغل مِتل ما بدنا». وغيرها من القضايا الخاصة بتفاصيل يومياتهم.

لذا انصبّت الجهود على تأليف لائحة مقابلة، تُجسّد طموحاتهم وتشكّل متنفّساً من الحرّية لهم، وهم يُعبّرون عن نقمتهم، بصرفِ النظر، «إذا ربح الرئيس الحالي أو لا، منَعمل اللي علينا».

مع اتّساع النقمة، وتعدّد الأصوات المطالبة بإعطاء فرصة لأشخاص جُدد وَلدمٍ جديد، بَرز إسم جان زيدان بجاني، مهندس مدني يترشّح للمرّة الأولى لخوض المعركة في بلدته.

جان المندفع للتغيير، وسط انشغاله في وضع اللمسات الأخيرة على اللائحة، يوضح لـ«الجمهورية»: «معظم من تولّوا رئاسة البلدية تعاطوا الشأن السياسي وأقحَموا البلدية في زواريب ضيّقة، من هنا نودّ التركيز على الإنماء واحتياجات الضيعة، لذا نُعِدّ مشاريع كبيرة، وعلى أساسها دخَلنا المعركة».

ويتابع بحماسة وثقة: «بصرفِ النظر عن النتيجة، سنكون منفتحين على المجتمع المدني ونتقاسم الأدوار مع الجمعيات والمنظمات الشبابية التي تضجّ بها المنطقة».

منافسة... ضمن البيت الواحد

يُولي جان أهمّية بالغة لعنصر الشباب، قائلاً: «نظراً إلى أنّ المنطقة تزخَر بروح الشباب والمنظمات والهيئات، فإنّنا نحرَص على خلق فرَص للتعاون معهم لإنماء البلدة». ويضيف: «نريد تشجيع هذه الفئة العمرية على الانخراط في العمل البلدي، لنتمكّن من الوصول بعد 6 سنوات إلى جيل مهيَّأ لخدمة منطقته ومدرِك لشجونها وملِمٍّ بحاجاتها»، مؤكّداً: «ستشكّل طروحات الشباب زبدةَ عملنا، وبدورنا سنتبنّى هواجسَهم وطموحاتهم».

أمّا عن عنوان برنامجه الانتخابي فيوضح: «حتى الآن لم يتبلوَر نهائياً، إلّا أنّه يدور في فلك الكحّالة أوّلاً، وهذا يعكس حرصَنا على وضعِ البلدة نصبَ أعيننا». ولم يخفِ جان رغبته في تجنيب المنطقة تداعيات المعركة، فيقول: «وسط الانقسام العامودي كنّا نرغب في إراحة البلدة».

أمّا عن موقفه من مبارزة رئيس البلدية الحالي، فيلفت إلى أنّ «الضيعة تفتقر إلى التغيير، وجورج أخذ فرصَته ويعطيه العافية. والآن هناك جيل جديد يرغب في العمل وله رؤية مغايرة».

ويشدّد على أنّ اللائحة التي يترَأسها «غنية وتُمثّل مختلف العائلات في البلدة ومكوّناتها». ويؤكّد «أنّه في حال فوزه، سنكون منفتحين على الجميع آخِذين في الحسبان خبرةَ من سبقونا، فنحن نمثّل الشباب ولسنا من خلفية أنا أو لا أحد».

وتعليقاً على منافسته زميلاً له في التيار السياسي نفسه، يقول: «لستُ مِن المنتسبين الرسميين ولكنْ من مؤيّدي التيار صَح. ويبقى الخيار لأبناء الضيعة، ولكلّ شخص فرصتُه».

في المقابل، حاولنا على مدى ثلاثة أيام مراراً التواصل مع جورج بجاني، للوقوف عند رأيه والتعرف إلى برنامجه الانتخابي، إلّا أنه لم يتجاوب، على رغم أنه أعطانا موعداً صباح أمس للإتصال به.

المعركة في ميزان الأحزاب

في وقتٍ تتّجه معظم الأحزاب لتركِ الكلمة إلى العائلات والوقوف قدر المستطاع على الحياد، يلفت مصدر قوّاتي مواكب للمعركة الانتخابية لـ«الجمهورية»، إلى «أنّ الحزب تركَ بصورة عامّة الرأي للعائلات، على رغم أنّ للمرشّحين والأعضاء ميولهم الحزبية، ولكن كان الاتّجاه لإبقاء الأجواء العائلية سائدة».

ولدى السؤال أين ستصب الأصوات القوّاتية، يجيب المصدر: «سندعم جان، كونه مرشّحاً للمرّة الأولى، وغيرُه قد استفاد من التجربة ولا بدّ مِن إعطاء فرصة جديدة».

إلى ذلك، يؤكّد مصدر كتائبي مواكب للمعركة، «أنّ الحزب أيضاً تركَ الخيار للعائلات و»الأجباب»، مع الإشارة إلى أنّ له مرشّحين في كلّ من اللائحتين». ويوضح لـ»الجمهورية: «نتمنّى لو أنّ التوافق يغلب ويتمّ لمُّ شملِ الضيعة، وأن يَحتكم الأهالي إلى وعيهم، لأنّ المشروع البلدي في الأساس هو إنمائي بعيداً من المناكفات».

في الختام، بصرفِ النظر عن الحسابات والأصوات التي قد تحصدها كلّ مِن اللائحتين المتبارزتين، لا يختلف اثنان على أنّ الإنماء لا يمكن أن يتحقّق، لا في الكحالة ولا في غيرها من المناطق اللبنانية، وسط كباش مستعِر، وسيلٍ مِن التحدّيات الجارفة، وسباق محموم على تسجيل النقاط و«فَتّ المصاري»، من دون تكاتُف أبناء البلدة والتفافِهم حول مدينتهم. ويكفي النظر إلى التجارب المنصرمة الفاشلة التي تكلّلت مراراً بحلّ المجالس البلدية، لأخذ العبَر قبل فوات الأوان.

الكاتب: ناتالي اقليموس

محلي

يلفت موقع "اخر الاخبار" انه غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه أو مصدره